مفهوم التنمية السياسية.. الارتقاء بالأداء السياسي على مستوى الأفراد والجماعات والأحزاب والحكومات مثل تحديث المؤسسات السياسية، وتطوير الأحزاب فكراً وتنظيماً وأداء وعلاقات

مفهوم التنمية السياسية
political development

يُعد مفهوم التنمية السياسية من المفاهيم الحديثة التي استنبطها العلم السياسي في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
ودخل في دائرة الاستعمال الأكاديمي، إذا جاز هذا التعبير، وخاصة في مراكز الأبحاث والدراسات السياسية التطبيقية.‏

وكان الشغل الشاغل للعاملين في مجال التنمية السياسية، سواء أكانوا من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات ومراكز الأبحاث، ممن راحوا ُينِّظرون التنمية السياسية في إطار التنمية الشاملة، أم أولئك الذين كانوا يبحثون عن محددات التحديث السياسي والاجتماعي في منظومة "العالم الثالث" حيث إن التنمية السياسية بالنسبة إليهم عملية انتقال منظم من النظم السياسية التقليدية إلى النظم الأكثر حداثة، ومن النظم الاستبدادية إلى النظم الديمقراطية. ولأنها أيضاً عملية تطوير وانتقال ورفع في الكفاءات.

والملاحظ أن مفهوم التنمية السياسية تمخض عن عدة وظائف تسعى إلى الارتقاء بالأداء السياسي على مستوى الأفراد والجماعات والأحزاب والحكومات مثل تحديث المؤسسات السياسية، وتطوير الأحزاب فكراً وتنظيماً وأداء وعلاقات.

والمعروف أن مفهوم التنمية السياسية وظف من قبل الجامعات الأورو- أمريكية تحت شعارات التحديث والتطوير السياسي وتم إجراء العديد من الدراسات بهذا القصد تحت إطار المشاريع التحديثية والتنموية،  مثل مشروع "كاملوت" الأمريكي وغيره، ومثل النقاط الأمريكية التي رفعت رايات التحديث الفكري والثقافي وتحقيق الاستقرار السياسي، وصرفت ملايين الدولارات بقصد "ضمان استمرار تحقيق مصالحهم الاقتصادية والستراتيجية" ودفع الأنظمة السياسية للاقتراب الشكلي من النموذج الغربي، لأنه على حد زعمهم يشكل النموذج الذي يحتذى في العالم،  والقائم أصلاً على الديمقراطية والليبرالية السياسية القائمة على التعددية السياسية، وحرية الفكر، وانتقال السلطة عبر صناديق الاقتراع ونظام البرلمان. ونشأت ونمت حول مفهوم التنمية السياسية عدة آراء واتجاهات فكرية سياسية، وترسخت عدة نظريات متخصصة في التنمية السياسية وإجراءاتها.

واشتقت عدة تعريفات منها على سبيل المثال، تعريف "الفرد ديامنت" الذي يقول عنها بأنها: "العملية التي يستطيع النظام السياسي أن يكتسب من خلالها مزيداً من القدرة لكي يحقق باستمرار وبنجاح النماذج الجديدة من الأهداف والمطالب،  وأن يطور نماذج جديدة للنظم.

ونخلص من الأفكار والآراء السابقة أنَّ التنمية السياسية هي:‏

1- تكوين ثقافة سياسية تتمحور حول حقوق الإنسان وواجباته ويشكل قاعدة انطلاق وبدء وفعل وإجراءات للتنمية السياسية.‏

2- تحديث الحياة السياسية وهذا معناه تحديث النظم والسلطة والأداء السياسي.‏

3- البحث عن نموذج تتمثل فيه التنمية السياسية بكل أبعادها وغاياتها وحيال هذا الأمر تفترق النظريات السياسية وفكرها: فالليبرالية ترى بأن النظم السياسية في الغرب هي التي تشكل النموذج الأمثل. بينما ترى النظرية الماركسية بأن المجتمع الشيوعي، هو النموذج الذي يتمثل فيه مستقبل البشرية.

4- هناك وجهات نظر محسوبة على التنمية ترى بأن التعبئة السياسية تشكل مستوى وآلية من آليات التنمية، وتقوم بدورها عن طريق أجهزة وآليات الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة بتطوير الأداء السياسي وإجراءات على الأرض، أو داخل البناء الاجتماعي.‏
أحدث أقدم

نموذج الاتصال