استعمل جاك دريدا (Jack derrida) مصطلح (التفكيك déconstruction) لأول مرة في كتابه (علم الكتابة/ الغراماتولوجيا/ De la grammatologie)، مـتأثرا في ذلك بمصطلح التفكيك لدى مارتن هايدجر (Heidegger) الذي شغله في كتابه (الكينونة والزمان).
وليس التفكيك عند جاك ديريدا بالمفهوم السلبي للكلمة، حيث ترد كلمة التفكيك في القواميس الفرنسية بمعنى الهدم والتخريب، لكن ترد في كتابات جاك ديريدا بالمعنى الإيجابي للكلمة بالمفهوم الهيدجري.
أي: ترد كلمة التفكيك من أجل إعادة البناء والتركيب، وتصحيح المفاهيم، وتقويض المقولات المركزية، وتعرية الفلسفة الغربية التي مجدت لقرون طوال مفاهيم مركزية، كالعقل، والوعي، والبنية، والمركز، والنظام، والصوت، والانسجام...
في حين، إن الواقع قائم على الاختلاف، والتلاشي، والتقويض، والتفكك، وتشعب المعاني، وتعدد المتناقضات، وكثرة الصراعات التراتبية والطبقية.
ويعني هذا أن دريدا يعيد النظر، عبر مصطلح التفكيك، في مجموعة من المفاهيم التي قامت عليها الأنطولوجيا والميتافيزيقا الغربية تثويرا وتقويضا وتفجيرا.
وهكذا، فمصطلح التفكيك ليس بمعنى الهدم السلبي، وليس بمعنى النفي أو الرفض أو التقويض والإنكار كما في فلسفة نيتشه، بل بمعنى إعادة البناء والتركيب، وتصحيح الأخطاء، وفضح الأوهام السائدة.
وهنا، لابد من فتح قوس لنقول: إن التفكيكية في البنيوية والسيميائية، ليس بمعنى التفكيك في فلسفة ديريدا، فلا يراد من التفكيك البنيوي والسيميائي سوى تشريح النص، وتحديد بنياته العميقة، واستخلاص القواعد المجردة والثنائيات المنطقية التي تتحكم في توليد النصوص اللامتناهية العدد بالاحتكام إلى العقل والمنطق واللغة.
بيد أن تفكيك ديريدا هو تشريح للنصوص من أجل هدم المقولات الثابتة، وتقويض البنيات الثنائية، والتشكيك في فعاليتها الفلسفية والإجرائية.
بمعنى أن التفكيك البنيوي والسيميائي تفكيك إيجابي ومنهجي ومجد في قراءة النصوص الفلسفية والأدبية، وطريقة عامة لفهم الخطاب وتفسيره علميا، بينما تفكيك ديريدا تفكيك سلبي يقوم على التضاد والاختلاف، وهدم تلك الثوابت البنيوية تشكيكا وفضحا وتعرية لأوهامها الإيديولوجية بالمفهوم السلبي والعدمي للتقويض والتفكيك.
ومن ثم، ففلسفة جاك ديريدا في مجال التفكيك قريبة جدا، بشكل من الأشكال، من فلسفة النفي لدى الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه (Friedrich Wilhelm Nietzsch).
التسميات
تفكيكية