التفكيكية (التقويض).. نظرية ميتافيزيقيا الحضور أو مركزية الكلمة. البحث في الدلالات المركزية للغة الخطاب. التشكيك في الأفكار الموروثة عن علاقة اللغة والنص

التفكيكية (التقويض):

- ترتبط باسم الكاتب الفرنسي (جاك ديريدا)، وهو صاحب نظرية ميتافيزيقيا الحضور أو مركزية الكلمة.
- تعني التفكيكية البحث في الدلالات المركزية للغة الخطاب وانتشرت في النقد الأمريكي.
- أخذ عليها ليتش أنها تخريب للتقاليد، وتشكك في الأفكار الموروثة عن علاقة اللغة والنص.

يعد التفكيك أهم حركة نقدية فضلاً عن كونها الحركة الأكثر اثارة للجدل أيضاً، وربما لا توجد نظرية في النقد الأدبي أثارت موجات من الإعجاب وخلقت حالة من النفور والامتعاض كذلك، مثلما فعلت التفكيكية في الفكر الأدبي المعاصر.

ظهور التفكيكية:
ظهرت التفكيكية في 1960 كرد فعل على البنيوية وهيمنة اللغة وتمركز العقل، وهيمنة اللسانيات على كل حقول المعرفة، وأصبحت التفكيكية ابتداء من 1970 منهجية نقدية أدبية، وآلية لتقييم البلاغة والتأويل.

ويتجه التفكيك بشكل أساسي إلى نقد الطرح البنيوي الذي كان يعمل على كشف البُنيات الأساسية والمسئولة عن الملامح الأكثر ملاحظة في التفاعل الاجتماعي والثقافي، إذ تنفي التفكيكية بثبات المعنى في منظومة النص، وتقوم بتحليل الهوامش والفجوات والتوقعات والتناقضات والاستطرادات داخل النصوص، بوصفها صياغات تسهم في كشف عن ما ورائيات اللغة والتركيب.

روّاد التفكيكية:
يُعدّ جاك دريدا (1930-2004) رائد التفكيكية ومنظرها الأساسي في القرن العشرين، استعمل دريدا مصطلح التفكيك لأول مرة في كتابه (علم الكتابة- الغراماتولوجيا)، متأثراً في ذلك بمصطلح التفكيك لدى الفيلسوف الأماني الشهير مارتن هايدجر في كتابه (الكينونة والزمان).

وليس التفكيك عند جاك دريدا بالمفهوم السلبي للكلمة، حيث ترد كلمة التفكيك في القواميس بالهدم والتخريب، لكن ترد في كتابات دريدا بالمعنى الايجابي للكلمة أي التصحيح وإعادة تركيب البناء وتقويض المقولات المركزية، وتعرية الفلسفة الغربية التي مجدت مفاهيم كثيرة مثل العقل، الوعي، البنية، المركز، والنظام، والصوت، والانسجام. في حين ان الواقع قائم على الاختلاف، والتلاشي، والتقويض، والتفكك، وتشعب المعاني، وتعدد المتناقضات، وكثرة الصراعات التراتبية والطبقية.

ويعني هذا ان دريدا يعيد النظر في مجموعة من المفاهيم التي قامت عليها الانطولوجيا (الوجود) والميتافيزيقيا الغربية تثويرا وتقويضا وتفجيرا.

أسس التفكيكية ومرتكزاتها:

يحاول دريدا الوصول الى استقرار تموضع في البنية النصية غير المتجانسة حيث يقدم دريدا اسسا لفكرة التفكيك وهي:

1- الاختلاف:
ويرى دريدا أن الاختلاف يتطلب إلى وجود تفسيرات متعددة وهي توحي بوجود حقائق متعددة فضلا عن وجود حقيقة واحدة وتفسير واحد، انطلاقاً من وصف المعنى بالاستفاضة، وعدم الخضوع لحالةٍ مستقرةٍ، ويبين الاختلاف منزلة النصية (Textaulity) في إمكانية تزويدها القارئ بسيل من الاحتمالات، وهذا الأمر يدفع القارئ إلى العيش داخل النـص.

2- عدمية التمركز:
إن تقويض التمركز عند دريدا يقود إلى تحطيم كلّ المراكز، وتفكيك أنظمتها بدءاً من مركز كلّ شيء وهو (الإله) وهو سبب مركزي لكل الأحداث، مروراً بمركز الحقيقـة، وانتهاءً بمركز العقلانية، وقصدية دريدا هذه تتجه إلى مبدأ يقتضي عدّ العلامات في حالة حركة مستمرة لانهائية، ومتحررة عن مراكزها، وهذا يؤدي إلى تفعيل نشاط الأزواج المتغايرة، أو الثنائيات المتناقضة.

3- تقويض الميتافيزيقيا:
أعلن دريدا نهاية الميتافيزيقا على غرار مارتن هايدجر، وينتقد دريدا المنطق واللغة والخضور والتمركز العقلاني الذي يشكل معيار الحقيقة والبداهة واليقين.

4- نقد الهوية والخصوصية والجذور الاصلية:
يرفض دريدا التمركز العقلي ويمقت كل انطواء للعرق أو الجذور أو التبجح بالخصوصية والمركزية أو الإيمان بهيمنة عنصر على آخر.

5- تفكيك مفهوم التاريخ:
يرفض دريدا التاريخ الكلاسيكي القائم على الصوت الواحد المهيمن ويدعو الى تاريخانية جديدة متعددة الاصوات، تهتم بالشعوب التي تعيش على الهامش.

6- تفكيك النصوص والخطابات:
يعتمد دريدا آلية التفكيك في تقويض النصوص وتشريح الخطابات، سواء كانت أدبية أو فلسفية، وما يهم دريدا في القراءات التي يحاول إقامتها ليس النقد من الخارج وانما الاستقرار او التموضع في البنية غير المتجانسة للنص.

7- تعدد اللغات والمعاني والنصوص:
دريدا يعرف التفكيك بأنها لا تؤمن بلغة واحدة وتؤمن بلغات متعددة عبر آليات الاختلاف والتناقض والحوار.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال