أسس مدرسة سوسير:
أهم الأسس التي نادت بها مدرسة سوسير:
- دراسة اللغة في ذاتها ولذاتها.
- التواصل الاجتماعي.
- التواجد محتوى تاريخي وثقافي.
- النظام إشارات متعدِّدة.
- دراسة الثنائيات.
البنيوية عند سوسير:
يعد العالم اللغوي السويسري (فرديناند دي سوسير) مؤسس المنهج البنيوي الذي انطلق منه علم اللغة المعاصر، وذلك في بدايات القرن العشرين الميلادي.
وفكرة البنيوية عند سوسير فكرة بسيطة - كما مر - تتلخص في نظرته إلى اللغة بوصفها نظامًا أو هيكلاً مستقلاً عن صانعه أو الظروف الخارجية التي تحيط به.
اللغة هي شبكة واسعة من التراكيب والنظم:
وينظر إلى هذا الهيكل من داخله من خلال مجموعة وحداته المكونة له بوصفها تمثل كلاً قائمًا بذاته.
فاللغة هي شبكة واسعة من التراكيب والنظم. وهي أشبه شيء برقعة الشطرنج التي لا تتحدد قيم قطعها بمادتها المصنوعة منها وإنما بمواقعها والعلاقات الداخلية بينها في هذه الرقعة.
فكما إن كل قطعة منها تتحدد قيمتها وترتبط بموقعها على هذه الرقعة، كذلك تتحدد قيمة كل تركيب أو قيمة كل وحدة في التركيب بالنظر إلى هذه التراكيب، وتلك الوحدات.
ولقد سيطرت أفكار هذا الأستاذ ممثلة بالمدرسة البنيوية التي أنشأ صرحها، على البحث اللغوي في الأربعينيات من هذا القرن سيطرة بالغة، حتى إنها جمعت حولها نفرًا غير قليل من الدارسين في جميع أنحاء العالم، وزحزحت المناهج اللغوية من مواقعها، وحاولت أن تحتل مكانها جميعًا، وانتقل تأثيرها من الدرس اللغوي الصرف إلى ميدان الأدب ونقده، لدرجة أنها صارت الشغل الشاغل للأدباء والنقاد حتى أوائل السبعينيات.
أفكار دوسوسير البنيوية:
ويمكن إيجاز أهم أفكار دوسوسير البنيوية (مدرسة جنيف) في ثلاثة أفكار مترابطة متكاملة، لا انفصام لها، وليس من السهل أن يعزل واحد منها عن الآخر في نظر دي سوسير على الأقل، وهذه الأفكار الثلاثة هي:
1- حلل دو سوسير الرمز الي مكونيه الدال (Signifier) والمدلول Signified:
والدال هو الجانب الصوتي المادي من الرمز حيث يمثل الصوت في حالة اللغة المحكية أو الحرف المكتوب في حالة اللغة المكتوبة.
أما المدلول فهو الجانب الذهني فهو لا يشير إلى الشيء بل يشير الي الصورة الذهنية أو الفكرة عن الشيء، ويؤكد دوسوسير على الوحدة بين مكوني الرمز حيث يشبههما بالورقة ذات الوجهين لا يمكنك تمزيق أحدهما بدون أن تمزق الوجه الآخر.
ودوسوسير يرى أن العلاقة بين الدال والمدلول عرفية ومواضعة؛ أي: الرابط الجامع بين الدال والمدلول اعتباطي، فالعلامة الألسنية اعتباطية.
2- ميز دو سوسير بين اللغة (language) والكلام (Parole):
اللغة:
هي النظام النظري الذي يضم قواعد اللغة، أو هى منظومة من العلامات تعبر عن فكرة ما.
الكلام:
هو بمثابة التحقق العيني لتلك القواعد، وهو عمل فردي للإرادة والعقل، وهو يمثل الممارسة الفردية القائمة على الاختيار والتحقيق.
وهو فعل فردي نابع من الإرادة والذكاء، كذلك هو عبارة عن تأليفات من خلالها يستخدم المتكلم قواعد اللسان بغرض التعبير عن فكره الشخصي وتكون باختيار ألفاظ ضرورية ومحددة لإنشاء جملة.
اللسان:
عند دي سوسير هو نتاج للملكة اللغوية ومجموعة من المواصفات يتبناها الكيان الاجتماعي ليمكن الأفراد من ممارسة هذه الملكة. واللسان هو كنظام نحوي يوجد في كل دماغ على نحو أدق في أدمغة مجموعة من الأفراد.
وقد كان لذلك التمييز - بين اللغة والكلام - أثر كبير في الأعمال البنيوية، حيث نجد لديهم تلك التفرقة بين البنية والحدث؛ أي: بين الأحداث والقواعد التي تتحكم في هذه الأحداث، وأيهما أسبق وجوداً البنية أم الحدث؟ ودراسة النظام الداخلي أصبحت تعرف بأنها "اللسانيات البنيوية" أو "المدرسة البنيوية".
3- ميز دوسوسير بين محورين لدراسة اللغة؛ المحور التزامني (Synchronic) والتتابعي (Diachronic):
"السنكرونية" أو (الوصفية) في مقابل "الديكرونية" أو (التاريخية).
أما المحور التزامني لدراسة اللغة:
فهو يدرس اللغة على اعتبار أنها نظام يؤدي وظيفته في لحظة ما دون وجود اعتبارات للزمن.
وأما المحور التتابعي:
فهو يدرس اللغة باعتبارها نظاماً يتطور عبر الزمن ويرصد التغيرات التي تطرأ على اللغة تاريخياً.
ويرفض دو سوسير المنظور التتابعي؛ لأنه يرى أن معرفة تاريخ الكلمة لن يفيد في تحديد معناها الحالي، ويشبه الأمر بأن يشاهد الشخص مشهداً ثابتًا بينما هو يتحرك، لأنه من الأفضل له أن يثبت في مكانه حتى يتمكن من مشاهدة المشهد بشكل واضح، فحركته لن تفيد في فهم طبيعة المشهد نفسه.
التزامنية في المنهج البنيوي:
فالمنهج البنيوي يلتزم بمفهوم التزامنية، وهي: دراسة لغة محددة في لحظة معينة دون النظر في المراحل التاريخية، فيدرس اللغة كما هي ومحاكمتها بقوانينها - لا بقوانين غيرها - دون تقعيد لغرض الدراسة نفسها، بشكل موضوعي بغية الكشف عن حقيقتها.
وكان دوسوسور يرى أن التزامن والتعاقب في اللغة يجب أن يدرسا في علمين منفصلين؛ لأن التزامن يرتبط بالنظام ولكنه عن علاقات الزمن، في حين أن التعاقب يرتبط بالزمن ولكنه مفصول عن علاقات النظام.
وهكذا أدار علم اللغة ظهره للدراسات المقارنة التاريخية، وأكد إمكان إخضاع كل حالة من اللغة إلى دراسة سكونية متزامنة بغض النظر عن التطور الذي تعد هذه الحالة امتداداً له؛ وبناء على هذا المفهوم طرح سوسور التمييز بين "التطورية" التي هي دراسة التغيرات عبر الزمن، و"التزامن" الذي هو دراسة حالات محدودة من اللغة في فترة محدودة من التطور.
فروع علم اللغة:
فانقسم علم اللغة إلى فرعين: علم لغة تعاقبي أو تطوري وعلم لغة تزامني أو سكوني، وتنضم الطريقتان التزامنية والتعاقبية موضحة إحداهما الأخرى"، وينطبق هذا التقسيم السوسوري على اختصاص ابن جني بالدراسة التطورية للغة كما سنرى.
ولكن اللسانيات الحديثة بدأت ترى أن المقابلة بين التزامن والتعاقب وهمية جداً، وجيدة فقط في مراحل البحث التمهيدية، وأن المقطع السكوني وهم؛ لأنه عبارة عن طريقة علمية مساعدة، وليس شكلاً خاصاً من أشكال الوجود.
القيمة اللغوية عند سوسير:
والقيمة اللغوية عند سوسير، أي (المعنى) إنما تحدده وتعينه مجموعة العلاقات بين الكلم، ولا يمكن فهمه أو الوصول إليه إلا في ضوء هذه العلاقات، فالعلاقة متبادلة بين الدال والمدلول، تجعل كل واحد يستدعي الآخر..
وجاءت المدارس اللغوية الأوربية بعد دوسوسير متأثرة بما نادى به، فبذلوا جهودًا لا تنكر، وقدموا أفكارًا أثرت الفكر اللغوي والبنيوي، ولا داعي للإطالة فأفكار هذه المدارس وعلمائها أكثر من أن تضمها دراسة مثل التي بين أيدينا.
التسميات
لسانيات