واجهت سيميوطيقا التأويل عند بول ريكور مجموعة من المشاكل والعوائق؛ لأن ريكور يميز فقط بين الكلمة والجملة والنص، بينما تزخر اللسانيات البنيوية بمجموعة من المصطلحات اللسانية المختلفة من لساني إلى آخر، فهناك: الفونيم، والمورفيم، والمونيم، والمركب، والجملة، والقيم الخلافية، والدال، والمدلول، والميتيم، واللكسيم، والطاكسيم، والسيمات.
فبيرس - مثلا - يميز بين الكلمة (rheme)، والحرف (dicisigne)، والجملة (argument)... ويعني هذا كله أن ريكور قد واجه فعلا مشاكل عويصة فيما يخص الوحدات الدلالية واللسانية.
فقد استعمل مفاهيم لسانية تختلف عن تلك المفاهيم التي يستخدمها كل من: فرديناند دوسوسير، وبرييطو، وأندري مارتينيه، وتودوروف، وبيرس، وسيرل، وفتجنشتين...
أما المشكل الثاني، فيتمثل في تعدد الاختصاصات.
ويعني هذا أن سيميوطيقا بول ريكور قائمة على مجموعة من التخصصات المتداخلة، كالفيلولوجيا، والفلسفة، والتأويل، والبنيوية السردية، والأنتروبولوجيا، والتاريخ،...
أما المشكل، فهو الإحالة أو المرجع. ويعني هذا أن اللسانيات البنيوية والسيميائيات قد أقصت المرجع لصالح الدال والمدلول، لكن بول ريكور قد أعطى أهمية كبرى للإحالة المنطقية.
ومن ثم، فمنهجيته تتجاوز الفهم إلى استحضار الذات والمرجع والغير.
ومن ثم، فاللغة والاستعارة والنصوص والخيال مجرد وسيلة للإحالة المرجعية لنقل العالم الواقعي.
ومن ثم، يعقد ريكور تقابلا تماثليا بين طبيعة العمل وعالم هذا العمل. بيد أن ريكور يختلف مع مجموعة من المناطقة حول طبيعة هذا المرجع، وهذه الإحالة.
وهكذا، نستنتج، مما سبق، أن سيميوطيقا بول ريكور جاءت رد فعل على لسانيات البنية والعلامة والتفكيك، من أجل الخروج من عالم داخلي مغلق مسيج بالثوابت البنيوية والثنائيات الضدية، إلى عالم أوسع وأرحب يعتمد على التأويل والذات والمقصدية، واستحضار الغير والقارىء والعالم الخارجي.
ويعني هذا أن سيميوطيقا بول ريكور تتجاوز الداخل إلى الخارج، وتتجاوز الدال والمدلول نحو المرجع، وتربط الذات بالمقصدية، وتتأرجح بين الذاتية والموضوعية.
لكن بول ريكور واجهته مشاكل منهجية عويصة، تتمثل في تحديد الوحدات الدلالية واللسانية بدقة، كما اعترضه مشكل تعدد الاختصاصات، حتى أصبحت منهجية بول ريكور تشبه ما يسمى بالمنهجية المتعددة الاختصاصات، كما واجه مشكل المرجع الذي يختلف حوله اللسانيون والمناطقة بشكل من الأشكال.
وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت إلى سيميوطيقا بول ريكور، خاصة أنه لم يأت بشيء جديد في مجال السرديات إلى حد ما، إذ أعاد- في رأيي- أفكار رولان بارت، وتودوروف، وكلود بريمون... إلا أن منهجيته أعادت الاعتبار للسيميوطيقا الخطابية التي سقطت في التحليلات العلمية الموضوعية الصرفة، وغيبت الذات والمقصدية والمرجع.
ومن ثم، فلابد أن تكون السيميوطيقا منهجية نصية وخطابية شاملة، تجمع بين الذاتية والموضوعية، وتخلق تآلفا بين الداخل والخارج، وتوفق بين النص والذات والعالم الخارجي.
وهذا ما لاحظناه - فعلا - مع سيميوطيقا الأهواء التي أعادت الاعتبار للذات مع كريماص وجاك فونتاني، وسيميوطيقا التلفظ التي تهتم بالذات المتكلمة كما عند إميل بنيفنست.
التسميات
سيميوطيقا