المصادر الثلاثية القياسية.. إذا وردَ شيءٌ ولم يعلم كيف تكلموا بمصدره، فإنك تقيسه على هذا؛ لأنك تقيس مع وجود السماع

المصادر المتقدمة، الكثيرُ منها سَماعيٌّ. وإِنما يُقاسُ منها ما كان على وزن: فَعْلٍ وفَعَلٍ، وفُعولٍ، وفِعالٍ، وفَعَلانٍ، وفُعالٍ، وفَعيلٍ، وفَعُولةٍ، وفَعالةٍ وفِعالةٍ.

والمراد بالقياس هنا إذا وردَ شيءٌ ولم يعلم كيف تكلموا بمصدره، فإنك تقيسه على هذا؛ لأنك تقيس مع وجود السماع فقد ورد مصادر عدة مخالفة لهذا القياس، فلا يجوز العدول عنها، كما ورد للفعل الواحد مصدر عدة مخالفة لهذا القياس، فلا يجوز العدول عنها، كما ورد للفعل الواحد مصدران أو أكثر، أحدهما قياسي، وغيره سماعي، غير جار على القياس. وأجاز الفراء أن يقاس مع وجود السماع.

والغالبُ فيما دلَّ من الأفعال على امتناعٍ، أن يكون مصدرُهُ على وزن: "فِعالٍ" كأبى إباءً، ونَفَرَ نِفاراً، وشَرَدَ شِراداً، وجَمحَ جِماحاً، وأبقَ إباقاً.

وفيما دلَّ على حركةٍ واضطرابٍ وتقلُّبٍ، أن يكون مصدرُه على "فَعْلاَنٍ": كطافَ طَوفاناً، وجَالَ جَوَلاناً، وغَلى غَلياناً.
وفيما دلَّ على داءٍ، أن يكون مصدره على فُعالٍ "كسَعَلَ سُعالاً، وزَحَرَ زُحاراً ودارَ رأسُهُ دُواراً.

وفيما دلَّ على صَوْتٍ أن يكون مصدرُه على فُعالٍ أو فَعيلٍ"، فالأوَّلُ مثلُ: "بغَمت الظبيةُ بُغاماً، وضَبَحتِ الخيلُ ضُباحاً".
والثاني مثلُ: "صهَلَ الفرسُ صَهيلاً، وصخَدَ الصُّرَدُ صخيداً".

وقد يجتمعُ "فُعالٌ وفعيلٌ" مَصدَرينِ لفعلٍ واحدٍ مثل: "نَعَبَ الغُرابُ نُعاباً ونعيباً، وأزَّت القِدْرُ أُزازاً، وصَرخَ صُراخاً وصريخاً، ونعَقَ الرَّاعي بغنمهِ نُعاقاً ونعيقاً". وفيما دلَّ على سيرٍ، أن يكون مصدرُهُ على "فَعيلٍ": كرَحلَ رحيلاً، وذّملَ البعيرُ ذَميلاً.

وفيما دلَّ على صناعةٍ أو حِرفةٍ، أن يكون مصدرُه على "فِعالةٍ": كحاكَ حِياكةً، وزَرَعَ زِراعةً، وخَاطَ خِياطةً، وتَجرَ تِجارةً، وأمَرَ إمارةً، وسَفَرَ بين القوم سِفارَةً.

فإن لم يدُلَّ الفعلُ على معنًى من المعاني المذكورة، فقياسُ مصدره "فَعْلٌ" أو "فَعَلٌ" أو "فُعولٌ" أو "فَعالةٌ".

فـ "فَعْلٌ": مصدرٌ للفعل الثلاثيّ المتعدي: كنصرَ نصراً، وردَّ ردًّا، وقالَ قولاً، ورمى رمياً، وغزا غزْواً، وفهمَ فهْماً، وأمِنَ أمْنًا.

و (فَعْلٌ): مصردٌ للثلاثيّ اللازمِ من باب "فَعِلَ" بكسر العين، كفَرِحَ فَرحاً وجَوِيَ جَوىً، وشَلَّتْ يَدُه شَلَلاً.

و (فُعولٌ): مصدرٌ للثلاثيّ اللازم من باب "فَعَل"، بفتح العين. كجلَسَ جُلوساً، وقعدَ قُعوداً، وسما سُمُوًّا، ونما نُموًّا. إلا ما دلَّ منه على امتناعٍ أو حركةٍ، أو داءٍ أو صوتٍ أو سيرٍ أو صناعةٍ، فمصدرُهُ كما تقدَّم.

و (فُعُولةٌ، وفَعالةٌ): مًصدران للفعل الثلاثيّ من باب "فَعُلَ" بضمِّ العين، فالأولُ. مثلُ: "سَهُلَ سُهولةً، وصَعُبَ صُعوبةً وعَذُبَ عُذوبةً، ومَلُح مُلوحةً"، والثاني مثلُ: "فَصُحَ فَصاحةً، وضَخُمَ ضخامةً، وجَزُلَ جَزالةً، وظَرُفَ ظرافةً".

هذا هو القياسُ الثابتُ في مصدرِ الفعل الثلاثيّ. وما وردَ على خلاف ذلك فهو سَماعيٌّ، يُقتصَرُ فيه على النّقل عن العرب. مثل: "سَخِطَ سُخْطاً، ورَضِيَ رِضاً وذَهبَ ذَهاباً وشَكرَ شُكراناً، وعظمَ عَظمةً، وحَزِنَ حُزناً، وجَحدَ جُحوداً، وركبَ رُكوباً"، وغير ذلك مما جاءَ مصدرُهُ على غير القياس.

وكثيرٌ مما جاءَ مخالفاً للقياس له مصدرٌ قياسيٌّ أيضاً.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال