مبدأ الاختلاف في منهجية ديريدا.. الاختلاف يقوم على تلاشي المعاني وتعدد المدلولات ووفرة المعاني الناتجة عن التشتيت والتضاد والتناقض

يرى جاك ديريدا أن المعنى في النصوص والكتابات المعطاة يتحدد نتيجة تعدد المدلولات بين الكلمات المختلفة.

ويعني هذا أن الاختلاف ميسم إيجابي في منهجية ديريدا، فالمعاني تتعدد بتعدد الاختلافات.
وإذا كان فرديناند دوسوسير يرى أن للمدلول معنى اتفاقيا واحدا، فإن ديريدا يرى أن لذلك المعنى مدلولات مختلفة لامتناهية ومتعددة.

وبهذا، يكون الاختلاف ملمحا إيجابيا يساهم في إثراء اللغة والنص الأدبي أو الفلسفي.
ولتوضيح هذا النوع من الاختلاف الإيجابي، استنبت دريدا مصطلح (différance) المقابل للمصطلح السلبي لمفهوم الاختلاف الكلاسيكي (différence).

وفي هذا النطاق، يقول ديريدا مميزا بين الكلمتين: أعتقد أن القلق حول ترجمة هذه المفردة يتجه إلى صميم الشكل.

فهي ليست غير قابلة للترجمة إلى العربية فحسب، وإنما حتى إلى الإنجليزية وسواها من اللغات، وحتى إلى الفرنسية بمعنى ما، من حيث إنها تتعارض مع الكلمات المنحدرة من الميراث اللاتيني، كما أنها، في اقتصادها نفسه، غير قابلة للإبدال بمفردة أخرى.

ولكن يمكن بالطبع أن نوضح استخدام هذه المفردة، وأن نقيم خطابا حول استخدامها، وحول، مايعبر عن نفسه فيها بصورة اقتصادية، أو مقتصدة، إنني أكتب في الحقيقة على هذا النحو، وأعتبر أنني أكتب حقا حين أذهب في اللغة إلى الحدود التي تصبح معها شبه عصية على الترجمة. هذه طريقة في عدم نسيان أننا نكتب دائما داخل لغة معينة.

أما حول دلالات هذه المفردة، فأنا اعتقد أنها تتضح من خلال سلسلة من المفردات الأخرى التي تعمل معها.

الكتابة مثلا، أو الأثر أو الزيادة أو الملحق، وهي جميعا كلمات مزدوجة القيمة، أو ذات قيمة غير قابلة للتعيين: الأثر هو ما يشير وما يمحو في الوقت نفسه.أي: مالايكون حاضرا أبدا. والزيادة هي ما يأتي ليضاف، ومايسد نقصا.

و(Hymen)، مثلما لدى ملارميه، تدل في الوقت نفسه على غشاء البكارة الذي يمنع من النفاذ، ويصون العذرية، وعلى الالتحام في الزيجة.

و"الفارماكون"، هذه المفردة، الأفلاطونية، تدل في الوقت نفسه، على السم والترياق، الخير والشر(وجهي الكتابة) الخ.

إنها، إجمالا كلمات ليست كلمات، ولامفهومات، وليست قابلة للفصل عن اللغة، وهي تقوم بعمل مماثل للـ" Différance" الاختلاف بحسب التسمية الدريدية، وإن كانت مختلفة عنها أيضا.إنها، إذاً، سلسلة تتمتع كل حلقة منها باستقلالها النسبي، ولكن تتكرر فيها الحلقة المجاورة."

ويعني هذا أن الاختلاف يقوم على تلاشي المعاني، وتعدد المدلولات، ووفرة المعاني الناتجة عن التشتيت والتضاد والتناقض.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال