القوال حامل الثقافة اليزيدية.. إجادة التراتيل والاناشيد الدينية والضرب على الدف والعزف على الناي وتعميد الأطفال بالماء المقدس في المناطق البعيدة عن منطقة (لالش) المقدسة

إن دور (القوال) لدى اليزيدية مثل دور (الملا) لدى المسلمين والقسيس لدى المسيحيين. أي انه حامل الثقافة الدينية والشعبية والوسيط بين الشعب والقيادات الدينية والدنيوية. علماً أن تسمية (القوال) كانت شائعة لدى العراقيين القدماء بمعنى (الكاهن). وهي قد تعود بأصلها، أما الى كلمة (كال) السومرية بمعنى (السيد)، أو كلمة (قال) السامية بمعنى من يردد (الاقوال) والشعائر الدينية. ولا زال العراقيون يطلقون على المرأة التي تقرأ المراثي في المآتم تسمية (الگوالة ـ القوالة). وان دور (القوال) اليزيدي هام وحاسم لأنه يقوم عملياً بالحفاظ على الذاكرة اليزيدية وتاريخهم الشفاهي، وخصوصاً إنها طائفة تعتمد أساساً على التاريخ الشفاهي (علم الصدر) ولا تميل الى الكتابة خوفاً من انكشاف أسرار العقيدة للخصوم.
يستخدم (القوالون) مثل باقي اليزيدية، اللغة العربية وأحياناً اللغة البهدنانية (الكردية). وتعود التواشيح المستخدمة الى فترة الشيخ (عدي بن مسافر). ويجيدون التراتيل والاناشيد الدينية والضرب على الدف والعزف على الناي، ويقومون بتعميد الأطفال بالماء المقدس في المناطق البعيدة عن منطقة (لالش) المقدسة التي فيها مرقد الشيخ عدي بن مسافر. ويقومون بمرافقة (السنجق ـ الرمز المقدس) عند خروجه من مدينة (لالش) وحتى بلوغ بيت الشخص الذي اتفق عليه. ويقومون خصوصاً بمهمة نشر تعاليم العقيدة بين أبناء الطائفة وتوضيح الطقوس والواجبات.يلعبون دور الوسطاء في حل الخلافات بين أبناء الطائفة والتقريب بينهم. وهم يتغنون بفضائل الشخصيات الدينية وسرد القصص عنهم. وهم مشهورون بمعرفتهم بأنساب العشائر اليزيدية. ويمارسون أيضاً دور الوسيط وحامل الرسائل والثقافات بين الجاليات اليزيدية المنتشرة في شمال العراق وسوريا وتركيا وباقي العالم. ويتوجب على (القوال) أن لا يحلق لحيته ولا شاربه. وهم يشرفون على المآتم والصلاة على الميت وعند دفنه وفي أثناء المأتم وكذلك عند زيارة القبور. ويعيش (القوالون) على المعونات التي يمنحها لهم أبناء الطائفة، لقاء خدماتهم الروحية،وكذلك من النذور. ويقومون مع عوائلهم بقطف الزيتون من البساتين العائدة للمعبد في (وادي لالش)، حيث يستخدم زيته في شعلات المصابيح. ويرث (القوال) أولاده في عمله، لأنها مهمة وراثية خاصة بسلالة (القوالين) من عشيرتي (الهكاري) و(الدوملي). وهم مثل باقي طبقات اليزيدية، لا يتزاوجون من خارج الطبقة وخصوصاً من الطبقات العليا، بل يبقون فيما بينهم أو مع باقي الشعب. ويتركزون خصوصاً في نواحي (بعشيقة) و(بحزاني) في الموصل. وبعضهم يسكنون في (سنجار) و(الشيخان)، حيث يكثر اليزيدية. وهم يوزعون (البراة) وهي حجرة صغيرة مصنوعة من طين (لالش) المقدسة، وتكون أشبه بالحرز الذي يحمي اليزيدي وتدفن معه.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال