الزمن المتداخل.. الزمن الذي يتبادل فيه الماضي والحاضر والمستقبل الأماكن. رفض التسلسل التقليدي المرتبط بالواقع والمناداة بطريقة جديدة ترتبط بوعي الشخصية

الزمن المتداخل هو الزمن الذي يتبادل فيه الماضي والحاضر والمستقبل الأماكن، فنرى المستقبل يحل محل الماضي، والحاضر محل المستقبل، وفق قيود فنية خاصة بكل مبدع.

وقد روجت مدرسة تيار الوعي لهذا الزمن، فرفضوا التسلسل التقليدي المرتبط بالواقع، ونادوا بطريقة جديدة ترتبط بوعي الشخصية، فيكون الترتيب على حسب ورود الأشياء إلى الذهن، حتى ولو كان ذلك مخالفا للواقع.

تقول فرجيناولف: "دعنا نسجل الذرات وقت سقوطها على الذهن بالنظام الذي فيه، ولنتبع التنظيم الذي يسجله كل منظر أو حدث على الوعي مهما كان غير متصل أو غير مترابط المظهر - فالحياة ليست سلسلة من مصابيح العربات مصطفة بشكل متناسق، الحياة هالة مضيئة، غطاء نصف شفاف يحيط بنا من بداية الوعي إلى نهايته.. أليست مهمة الروائي أن ينقل هذه الروح المتباينة، غير المعروفة، وغير المحدودة".

إن فرجينا ولف ومن قبلها "جرترود شتاين" ومن ناصرهما اعتبروا التسلسل المنطقي للزمن قيدا يحد من حركة السرد الروائي، ومن حركة الكاتب المحتاج إلى الانطلاق في سلاسة ليستطيع التعبير عن حياة معقدة متداخلة، مضطربة، تماما كما اعتبر الشعراء العروض الخليلي قيداً يحد من جريان شاعريتهم فقوضوا أركانه، واتخذوا من اللانظام جمالاً، ومن التشويش فنا ممتعاً، فأصبح، بناء الكتابة الروائية " قطعا مجزأة مطروحة من هذا البناء أكواماً فوق أكوام، وركاما على ركام، ليتخذ منها القارئ الروائي البناء الذي يريد، والشكل الذي يشاء، وذلك كيما يسمهم في بناء الرواية  من خلال القراءة.

وقد عد أرنولد هاوزر "تغير تجربة الزمن في العصر  الحاضر عن العصور الماضية بأنها مرتبطة بتطور التكنولوجيا والمدن العملاقة، ورؤية العالم بعيني رجل المدينة، والاستجابة المرهفة للمؤثرات الخارجية.

فحياة المدينة حافلة بالتغير والإيقاع المتوتر والانطباعات المفاجئة الحادة. ولكن كل الانطباعات عابرة زائلة تتصف بسيادة اللحظة على الاستمرار، فكل حادث هو موجة لن تتكرر يجرفها نهر الزمان الذي لا يستطيع المرء أن ينزل فيه مرتين".

 وبسبب تعدد أنماط الزمن المتداخل "تواتر زمني مفرد، وتكراري ، ونمطي – توقف زمني– سوابق زمانية – لواحق زمانية – قفز زمني " أصبح الروائي  يعتمد على اللغة المكثفة المفجرة لدلالات " التي تشع دلالاتها من حشد من الإشرافات الداخلـية وبقع مــن الأزمنة المتقاطـعة المؤقتة".
أحدث أقدم

نموذج الاتصال