السارد المشارك في الأحداث: "أنا" - بوابة إلى أعماق الرواية
يعتبر السارد الذي يستخدم ضمير المتكلم "أنا" أداةً سردية قوية ومؤثرة، إذ يُدخل القارئ مباشرة إلى قلب الأحداث، مما يزيد من انخراطه في الرواية. هذا السارد ليس مجرد راوي بل هو شخصية متفاعلة، تعيش الأحداث وتشارك فيها، وتقدم لنا الأحداث من خلال منظورها الشخصي.
مزايا السارد المتكلم:
- الحميمية والواقعية: يخلق السارد المتكلم شعوراً بالحميمية والواقعية، حيث يجعل القارئ يشعر وكأنه يشارك الشخصية تجاربه وأفكاره ومشاعره بشكل مباشر. هذا الانخراط العميق يجعل القارئ أكثر تعاطفاً مع الشخصية وفهمًا لدوافعها.
- الصدق والشفافية: باستخدام ضمير المتكلم، يبدو السارد أكثر صدقًا وشفافية. فهو لا يقدم لنا سردًا موضوعيًا محايدًا، بل يقدم لنا رؤيته الشخصية للأحداث، بما في ذلك نقاط ضعفه وقوته.
- الكشف عن النفس البشرية: يساعد السارد المتكلم على الكشف عن أعماق النفس البشرية، حيث يمكنه أن يكشف لنا عن أفكاره وأحاسيسه الداخلية، وعن الصراعات التي يعيشها.
- التلاعب بالزمن: يمنح ضمير المتكلم السارد القدرة على التلاعب بالزمن والسرد. يمكنه الانتقال بين الماضي والحاضر والمستقبل بحرية، ويمكنه أيضًا أن يتوقف عند لحظات معينة لتعميق وصفها وتحليلها.
- الاقتراب من المتلقي: يقلل السارد المتكلم من المسافة بين السارد والمتلقي، حيث يجعل القارئ يشعر وكأنه يستمع إلى صديق يروي له قصة حياته.
الجماليات السردية لضمير المتكلم:
- التركيز على الذات: يركز ضمير المتكلم على الذات، أي على الشخصية الساردة، مما يجعلها محور الأحداث.
- التحكم في السرد: يمنح ضمير المتكلم السارد سيطرة أكبر على السرد، حيث يمكنه أن يختار ما يريد أن يرويه وكيف يريد أن يرويه.
- إمكانية التلاعب باللغة: يمكن للسارد المتكلم أن يستخدم لغة أكثر تعبيراً وشاعرية، حيث يمكنه أن يستخدم الصور والمجازات والكنايات لوصف مشاعره وأحاسيسه.
اللزمات السردية لضمير المتكلم:
- سيطرة الصيغ المستقبلية: يرتبط السارد المتكلم غالبًا بسيطرة الصيغ المستقبلية على سرده، مما يعكس تطلعاته وآمالَه.
- اختفاء صيغ الماضي: قد يميل السارد المتكلم إلى إخفاء بعض أحداث الماضي، مما يشير إلى رغبته في نسيانها أو تجاوزها.
- أهمية السارد المتكلم للأدباء المبتدئين: يميل العديد من الأدباء المبتدئين إلى استخدام السارد المتكلم، وذلك لسهولة التعامل معه وقدرته على خلق ارتباط عاطفي عميق بين القارئ والشخصية.
ختامًا:
السارد المتكلم هو أداة سردية قوية ومؤثرة، يمكنها أن تضيف عمقًا وجمالًا لأي عمل أدبي. ومع ذلك، يجب على الكاتب أن يستخدم هذه الأداة بحكمة، وأن يدرك تأثيرها على القارئ وعلى سير الأحداث.
التسميات
نثر عربي حديث