التزام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ض) بظاهر القرآن الكريم.. عدم تحريم إرضاع الكبير. الحكم ببراءة امرأة اتهمت بالزنا لأنها ولدت بعد ستة أشهر من زواجها

كان أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يلتزم أحيانًا بظاهر القرآن الكريم حين لا يرى قرينة تقتضي صرفه عن ظاهره، فإنه كان يتوضأ لكل صلاة ويقرأ هذه الآية: +يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ..."([1]) [المائدة:6]؛ لأن ظاهرها يدل على الوضوء عند إرادة الصلاة كل مرة، وأوجب الصوم على المقيم إذا أدركه الصوم ثم سافر، فقال: من أدركه الصوم وهو مقيم ثم سافر لزمه الصوم؛ لأن الله تعالى قال: +فَمَن شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ" [البقرة:185] ([2])، ورأى عدم تحريم إرضاع الكبير؛ لأنه ليس ضمن حولي الرضاعة استنادًا إلى ظاهر آية الرضاعة، حيث روى عنه أنه قال في قوله تعالى: +وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ" [البقرة: 233]، الرضاعة سنتان فما كان من رضاع في الحولين حرم، وما كان بعد الحولين فلا يحرم ([3])، وحمل القرآن الكريم على ظاهره في مكان آخر حيث حكم ببراءة امرأة اتهمت بالزنا لأنها ولدت بعد ستة أشهر من زواجها، فجمع بين قوله تعالى: +وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ" [البقرة:233] وقوله تعالى: + وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا" [الأحقاف:15]. فقال: الحمل ستة أشهر والفصال أربعة وعشرون شهرًا([4])، أي أنه طرح مدة الرضاعة وهي السنتان من مجموع مدة الرضاعة والحمل وهي ثلاثون شهرًا فبقيت ستة أشهر، فجمع بين ظاهر كلتا الآيتين وحكم بهما([5]).

([1]) تفسير القرطبي (2/80).
([2]) فقه الإمام على (1/45).
([3]) المجموع للنووي (8/213).
([4]) مصنف عبد الرزاق (12443)، فقه الإمام على (1/41).
([5]) فقه الإمام على (1/46).
أحدث أقدم

نموذج الاتصال