علي رضي الله عنه في حجة الوداع.. انزعوا يا بنى عبد المطلب، فلولا أن تُغْلَبوا عليها لَنَزَعْتُ. إني رأيت غلامًا شابًا، وجارية شابة فخشيت عليهما الشيطان

أدرك علىّ رضي الله عنه رسول الله (ص) في حجة الوداع، ونحر رسول الله ثلاثًا وستين بدنة بيده، وكان عدد هذا الذي نحره عدد سنىَّ عمره، ثم أمسك، وأمر عليًا أن ينحر ما بقى من المائة، ففعل وأكمل العدد، وقد وصف لنا على رضي الله عنه بعض المناسك في حجته مع رسول الله (ص)، فعن على بن أبى طالب رضي الله عنه: أن النبي (ص) وقف بعرفة وهو مُردف أسامة بن زيد، فقال: «هذا الموقف وكل عرفة موقف»، ثم دفع يسير العَنَقَ، وجعل الناس يضربون يمينًا وشمالاً، وهو يلتفت ويقول: «السكينة أيها الناس، السكينة أيها الناس» حتى جاء المزدلفة، وجمع بين الصلاتين، ثم وقف بالمزدلفة، فوقف على قُزَحَ، وأردف الفضل بن العباس، وقال: «هذا الموقف، وكل المزدلفة موقف» ثم دفع وجعل يسير العَنَقَ، والناس يضربون يمينًا وشمالاً، وهو يلتفت ويقول: «السَّكينة، السَّكينة، أيها الناس» حتى جاء مُحسرًا فقرع راحلته فخبَّت، حتى خرج، ثم عاد لسَيْره الأول، حتى رمى الجمرة، ثم جاء المنَحْر فقال: هذا المنحر، وكلُّ منى منَحْر، ثم جاءت امرأة شابة من خَثعَمَ، فقالت، إن أبى شيخ كبير، وقد أفند، وأدركته فريضة الله في الحج، ولا يستطيع أداءها، فُيجزئ عنه أن أؤديها عنه؟ قال رسول الله (ص): نعم، وجعل يصرف وجه الفضل بن العباس عنها. ثم أتاه رجل آخر، فقال: إني رميت الجمرة وأفضت ولبستُ ولم أحلق. قال: فلا حرج، فاحلْق.ثم أتاه رجل آخر، فقال: إني رميت وحلقت ولبست ولم أنحر. فقال: لا حرج فانحر. ثم أفاض رسول الله (ص)، فدعا بسَجْل من ماء زمزم، فشرب منه وتوضأ، ثم قال: انزعوا([1]) يا بنى عبد المطلب، فلولا أن تُغْلَبوا عليها لَنَزَعْتُ. قال العباس: يا رسول الله، إني رأيتك تصرف وجه ابن أخيك؟ قال: إني رأيت غلامًا شابًا، وجارية شابة فخشيت عليهما الشيطان([2]). وقد كان على رضي الله عنه يعلن على الناس ما أمره به النبي (ص)، فعن عمرو بن سليم عن أمه قالت: بينما نحن بمنى إذا على بن أبى طالب رضي الله عنه يقول: إن رسول الله (ص) قال: «إن هذه أيام أكل وشرب، فلا يصومها أحد»، واتّبع الناس على جمله يصرخ بذلك([3]).

([1]) المرتضى للندوي ص 57، وقد جاء في رواية البخاري أن النبي (ص) نحر سبع بدن بيده قيامًا رقم 1712، وكلف عليًا بالإشراف على قسمتها وهي مائة رقم 1718. النزع: استخراج الماء من زمزم لسقي الحجيج.
([2]) مسند أحمد (2/9) الموسوعة الحديثية رقم 564إسناده حسن.
([3]) الموسوعة الحديثية رقم 567إسناده صحيح.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال