الحسن بن على بن أبى طالب الهاشمي (ع).. ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين

الحسن بن على بن أبى طالب الهاشمي سبط رسول الله (ص) وريحانته في الدنيا، وأحد سيدي شباب أهل الجنة، أمه فاطمة الزهراء، ولد للنصف من رمضان سنة 3هـ وقيل في شعبان، وقيل في سنة أربع أو خمس([1]). وقد توفى عام 50هـ. وقد اخترت في كتابي السيرة النبوية بأنه ولد في العام الرابع للهجرة([2]).
هذا وقد سماه رسول الله (ص) حسنًا، قال علي رضي الله عنه: لما ولد الحسن سميته حربًا، فجاء رسول الله (ص) فقال: أروني ابني. ما سميتموه؟ قلت: حربًا، قال (ص): بل هو حسن([3]) وهكذا غير (ص) ذلك الاسم الحاد باسم جميل يدخل السرور والبهجة على القلوب، فحمل المولود الجديد اسمه الجميل، وحمله (ص) بين يديه وقبله.
وهذا أبو رافع يخبرنا عن فعل رسول الله (ص)، يقول: رأيت النبي (ص) أذن في أذني الحسن حين ولدته فاطمة بالصلاة([4]).
وحدثنا أبو رافع عن عقيقة الحسن فقال: لما ولدت فاطمة حسنًا قالت: ألا أعق عن ابنى بدم (بكبشين) قال (ص): لا ولكن احلقي رأسه وتصدقي بوزن شعره من فضة على المساكين والأوفاض، وكان الأوفاض ناسًا من أصحاب رسول الله (ص) محتاجين في المسجد أو الصفة ففعلت ذلك([5]).
هذا وقد وردت أحاديث كثيرة في فضائل الحسن بن علي رضي الله عنه منها:
أ- عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: رأيت الحسن بن علىًّ على عاتق النبي (ص) وهو يقول: «اللهم إني أحبه فأحبه»([6]).
ب- وعن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي (ص) أنه قال للحسن: «اللهم إني أحبه، فأحبه وأحبب من يحبه»([7]).
ج- وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما عن النبي (ص) أنه كان يأخذه والحسن ويقول: «اللهم إني أحبهما فأحبهما» ([8]).
د- عن أبى بكرة رضي الله عنهما قال: سمعت النبي (ص) على المنبر والحسن إلى جنبه ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة ويقول: «ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين»([9]). فإخبار النبي (ص) بأن الحسن سيد مفخرة عظيمة وميزة شريفة له رضي الله عنه وأرضاه، وقد تحققت نبوءة جده (ص)، فأصلح على يديه بين المسلمين وحقن دماءهم، حيث نزل عن حقه في الخلافة لمعاوية رضي الله عنهم أجمعين، وكان ذلك في سنة إحدى وأربعين، وكانت خلافته رضي الله عنه ستة أشهر وسمى هذا العام عام الجماعة، وهذا ما أخبر به النبي (ص) يقوله: «لعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين»([10]).
قال ابن حجر: فالحديث فيه علم من إعلام النبوة، ومنقبة للحسن بن على، فإنه ترك الملك لا لقلة ولا لذلة ولا لعلة،بل لرغبة فيما عند الله لما رآه من حقن دماء المسلمين، فراعى أمر الدين ومصلحة الأمة([11]), وسيأتي الحديث بإذن الله عن تنازل الحسن بالخلافة لمعاوية عند حديثنا في عهده في كتاب مستقل.
هـ- وعن سعيد المقبري([12]), قال: كنا مع أبى هريرة رضي الله عنه فجاء الحسن بن على ابن أبى طالب علينا فسلم فرددنا عليه السلام ولم يعلم به أبو هريرة فقلنا: يا أبا هريرة  هذا الحسن بن على قد سلم علينا فلحقه وقال: عليك السلام يا سيدي ثم قال: إنه سيد([13]).
و- ومنها مشابهته رضي الله عنه للنبي في الخلق، فقد روى البخاري بإسناده إلى أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: لم يكن أحد أشبه بالنبي (ص) من الحسن بن على ([14]).
ز- وروى أيضًا بإسناده إلى عقبة بن الحارث قال: رأيت أبا بكر رضي الله عنه وقد حمل الحسن وهو يقول: بأبي شبيه بالنبي ليس شبيهًا بعلي، وعلي يضحك([15]), فكونه رضي الله عنه شبه جده المصطفى (ص) في الخلق منقبة عظيمة له وفضيلة ظاهرة([16]).

([1]) فضائل الصحابة (2/970)، حلية الأولياء (2/35).
([2]) السيرة النبوية للصلابي (2/199)، شذرات الذهب (1/10).
([3]) البخاري في الأدب (286).
([4]) سنن أبى داود رقم 5105إسناده ضعيف حكم عليه الشيخ عثمان الخميس, عن رسالته للماجستير المتعلقة بالأحاديث الخاصة بالحسن والحسين: ص(80).
([5]) الطبقات (1/233) إسناده ضعيف.
([6]) البخاري رقم 3749.
([7]) مسلم 2421.
([8]) البخاري: 3747.
([9]) البخاري رقم 3746.
([10]) البداية والنهاية (8/20)، سير أعلام النبلاء (3/144، 145).
([11]) فتح الباري (13/66).
([12]) هو: كيسان المدني مولى أم شريك، ثقة ثبت مات سنة 10، التقريب 463.
([13]) المستدرك، ك معرفة الصحابة (3/169) صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
([14]) البخاري، ك الفضائل رقم 3752.
([15]) البخاري رقم 3750.
([16]) العقيدة في أهل البيت، ص(147).
أحدث أقدم

نموذج الاتصال