ما نزل في الإمام علي بن أبي طالب (ض) من القرآن الكريم.. مواقفة القرآن له في كون الجهاد أفضل من عمارة المسجد الحرام. شفقته على أمة محمد - ص

كان القرآن الكريم ينزل على رسول الله يعالج أحداثًا واقعية حصلت في المجتمع النبوي الكريم، فيثنى على عمل ما، ويشيد بأقوام، ويحذر من آخرين، وينبه على بعض الأخطاء، وقد نزلت بعض الآيات التي خلدت بعض المآثر لأمير المؤمنين وبعض الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
1- منها قول تعالى: +هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ ` يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ  ` وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ  `كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ` إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ" [الحج: 19- 23].
روى البخاري بسنده عن على بن أبى طالب أنه قال: «أنا أول من يجثو بين يدى الرحمن للخصومة يوم القيامة»، وقال قيس بن عبادة: فيهم نزلت +هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ" قال: هم الذين تبارزا يوم بدر، حمزة وعلى وأبو عبيدة بن الحارث وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة ([1]).
2- وهو أحد من نزل فيهم قول الله تعالى: + فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ" [آل عمران: 61]. وذلك في وفد نجران حينما جادلهم النبي × في عيسى ابن مريم، وأنه عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى أمه الطاهرة، فأجابته، وكذبهم في أنه الله أو ابن الله أو ثالث ثلاثة، ودعاهم إلى الإسلام، فأبوها فدعاهم إلى المباهلة، فعن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: ولما نزلت: + فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ" دعا رسول الله عليًا، وفاطمة، وحسنًا وحسينًا رضي الله عنهم فقال: اللهم هؤلاء أهلي ([2]).
3- مواقفة القرآن له في كون الجهاد أفضل من عمارة المسجد الحرام: ففي الصحيح أن رجلاً قال: لا أبالي ألا أعمل عملاً بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام، فقال على بن أبى طالب: «الجهاد في سبيل الله أفضل من هذا كله»، فقال عمر بن الخطاب «لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله ×، ولكن إذا قضيت الصلاة سألته عن ذلك، فسأله، فأنزل الله هذه الآية: + أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ` الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ` يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ ` خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ" [التوبة: 19-22]. فبين لهم أن الإيمان والجهاد أفضل من عمارة المسجد الحرام والحج والطواف ومن الإحسان إلى الحجاج ([3]).
4- شفقته على أمة محمد (ص): عن على رضي الله عنه، قال: لما نزلت هذه الآية: +يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً" [المجادلة:12] قال النبي × لعلى: مرهم أن يتصدقوا، قال: يا رسول الله، بكم؟ قال: بدينار، قال: لا يطيقونه. قال: بنصف دينار.قال: لا يطيقونه، قال: فبكم؟ قال: بشعيرة ([4])، قال: فقال النبي × لعلى: إنك لزهيد, قال: فأنزل الله: +أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ" [المجادلة:12]. قال: فكان على يقول: فبي خفف الله عن هذه الأمة([5]).

([1]) البخاري رقم (3965).
([2]) مسلم (4/1871) 425، (1/171).
([3]) الفتاوى (8/166).
([4]) بشعيرة: وزن شعيرة من ذهب.
([5]) رواء الترمذي رقم 3297وقال: حسن غريب وضعفه الألباني في ضعيف موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان: ص (127، 128).
أحدث أقدم

نموذج الاتصال