زهد السيدة فاطمة الزهراء وصبرها (ع).. حياتها في غاية البساطة بعيدة عن التعقيد وهي إلى شظف العيش أقرب منها إلى رغده

زهد السيدة فاطمة وصبرها: كانت حياتها في غاية البساطة بعيدة عن التعقيد، وهي إلى شظف العيش أقرب منها إلى رغده([1]), وهذه القصة تصور لنا حال السيدة فاطمة من التعب وموقف رسول الله (ص) منها عندما طلبت منه أن يعطيها خادمًا من السبى، قال على لفاطمة ذات يوم: والله لقد سنوت([2])، حتى لقد اشتكيت صدري، قال: وجاء الله أباك بسبى فاذهبي فاستخدميه([3]), فقالت: أنا والله طحنت حتى مجلت يداي، فأتيت النبي (ص) فقال: ما جاء بك أي بنية. قالت: جئت لأسلم عليك واستحيت أن تسأله ورجعت فقال على: ما فعلت؟ قالت: استحييت أن أسأله، فأتينا جميعًا، فقال على: يا رسول الله والله لقد سنوت حتى اشتكيت صدري، وقالت فاطمة: قد طحنت حتى مجلت يداي([4]), وقد جاءك الله بسبى وسعة فأخدمنا، فقال رسول الله (ص): والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوى([5]) بطونهم، لا أجد ما أنفق عليهم، ولكني أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم، فرجعا فأتاهما النبي (ص) وقد دخلا في قطيفتها إذا غطت رءوسهما تكشف أقدامهما، وإذا غطيا أقدامهما تكشفت رءوسهما، فثارا، فقال: مكانكما،، ثم قال: ألا أخبركما بخير مما سألتماني؟ قالا: بلى. فقال: كلمات علمنيهن جبريل عليه السلام، فقال: «تسبحان في دبر كل صلاة عشرًا، وتحمدان عشرًا، وتكبران عشرًا، وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين وكبرا أربعًا وثلاثين»([6]), وفي القصة السالفة بعض القيم المهمة منها:
إن هذه الحادثة تبين لنا كيف أدار النبي (ص) الأزمة الاقتصادية التي مرت بدولة الرسول في المدينة، وذلك من خلال ترتيبه للأولويات، فسد جوع أهل الصفة ضرورة، وأما حاجة على وفاطمة للخادم ليست بمرتبة احتياج أهل الصفة، فقدم رسول الله أهل الصفة عليهم، وكانت وسائل رسول الله (ص) في حل الأزمة الاقتصادية كثيرة.
ولقد تأثر على- رضي الله عنه- بهذه التربية النبوية، ويمر الزمن بالفتى على فيصبح خليفة المسلمين، فإذا به من آثار هذه التربية يترفع عن الدنيا وزخارفها وبيده كنوز الأرض وخيراتها، لأن ذكر الله يملأ قلبه ويغمر وجوده، ولقد حافظ على وصية رسول الله × له، وقد حدثنا عن ذلك فقال: فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن، فسأله أحد الصحابة: ولا ليلة صفين؟ فقال: ولا ليلة صفين([7]).

([1]) انظر: معين السيرة ص 255للشامي.
([2]) سنوت: استقيت.
([3]) أي أسأليه خادمًا.
([4]) السيرة النبوية للصَّلابيَّ (2/99)، مسلم رقم (2727) البخاري رقم (3705).
([5]) تطوي: طوى من الجوع فهو طاو: خالي البطن جائع لم يأكل.
([6]) البخاري: رقم (3705)، مسلم رقم (2727).
([7]) مسلم (4/2092).
أحدث أقدم

نموذج الاتصال