المركز السياسي لأهل الذمة.. الإسلام لم يحاول إذلال أهل الذمة عن طريق تدفيعهم ضريبة الجزية

المركز السياسي لأهل الذمة:
لو حاولنا استعراض أوضاع أهل الذمة خلال العصور الإسلامية المختلفة نلاحظ انه كانت لحياة اهل الذمة في الدولة الاسلامية فترات حسنة واخرى سيئة. إذ اختلفت علاقة الخلفاء مع أهل الذمة واعتمدت على طبيعة الخليفة نفسه والفترة الزمنية بأحداثها السياسية.

 فعلى سبيل المثال في عهد الرسول تطرق إلى أهل الذمة في دستور عهد الأمة حيث اعتبرهم كجزء من المجتمع الاسلامي في الدولة الإسلامية وتم مساواتهم مع المسلمين على سبيل المثال عهد الامة الذي اقر فيه الرسول بان المسلمون واليهود من سكان المدينة هم امة واحده...

العصر الراشدي:
تمتع اهل الذمة في عهدي عثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب بما تمتعوا به في عهد عمر بن الخطاب من التسامح والعدل والأمن ما داموا يؤدون الجزية والخراج.

كما تم تحديد مقدار الجزية المفروضة على الذميين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب (46_24_12) هذا التقدير فيه نوع من العدالة الاجتماعية التي تأخذ بالحسبان حالتهم الاقتصادية ومقدرتهم على دفع الجزية.

كما وتم تعفيه الفئات التي لا تستطيع دفع هذه الضريبة مثل الشيوخ - النساء - الأطفال.
مثال على ذلك (قصة عمر بن الخطاب مع الشيخ اليهودي الضرير). إن الإسلام لم يحاول إذلال أهل الذمة عن طريق تدفيعهم هذه الضريبة.

العصر الأموي:
افتتح معاوية بن ابي سفيان عهدا جديدا من التسامح مع اهل الذمة فقد عين لولده يزيد مربيا مسيحيا لتثقيفه. وكان شاعر بني امية المدافع عن ملكهم هو الاخطل التغلبي المسيحي الذي كانت له  دالة كبيرة على خلفاء بني امية الاوائل حتى كان يدخل على عبد الملك بغير اذن ولحيته تنفض خمرا وفي صدرة صليب ولا يتعرضه أحد.

سبب اتباعه هذه السياسة: اتبع معاوية هذا النهج من التعامل نظرا لحاجة الدولة الاموية الحديثة  لاهل الذمة وخاصة للذين عرفوا ألأمور الادارية والاقتصادية والثقافية  وللاستمرار في سياسة الخلفاء الراشدين المتسامحة مع اهل الذمة.

- وكان الخليفة عمر بن عبد العزيز اشد خلفاء بني أمية وطأه على اهل الذمة اذ ارسل الى ولاته يأمرهم  بعزلهم من المناصب الحكومية والتشديد معهم في الحياة العامة في نهجهم ولباسهم وتمييزهم عن المسلمين. ومنعهم من ركوب الخيل بل ركوب الحمير فقط وان تكون ارجلهم من جانب واحد. وان لا يمشي الا بزنار ومنعوا من حمل السلاح وامتلاكه.كما وجد في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز وثيقة سميت بوثيقة عمر, حدد فيها العلاقة بين المسلمين وأهل الذمة فوجد فيها مجموعة من القيود على اهل الذمة.

العصر العباسي:
اما هارون الرشيد  فكان من اوائل الخلفاء العباسين الذين تشددوا في امر اهل الذمة, أقالهم عن اعمالهم وأبعدهم عن الحكم واستبدلهم بالمسلمين عوضا عنهم وغير زيهم وطلب ان يجعلوا في  اوساطهم الزنارات مثل الخيط, ولا يركبن يهودي ولا نصراني على سرج بل على اكاف,ومنعت نساؤهم من ركوب الرحائل وهدم كنائسهم وخاصة تلك الموجودة على الحدود.

سبب تشدد الرشيد مع اهل الذمة:  ان العلاقات ساءت في عهده. بينه وبين الدولة البيزنطية فأمربهدم الكنائس على الحدود لان نصارى المتواجدين على الحدود ساعدوا ابناء طائفتهم الروم في التجسس على احوال المسلمين واستخدموا الكنائس لهذا الغرض في حين ان هارون الرشيد كان من اكثر الخلفاء محاربة للروم حيث ارسل كل سنة حملتين لمحاربتهم عرفت باسم الصوائف والشواتي.

على الرغم من هذه المضايقات التي تعرض لها اهل الذمة الا اننا يجب ان نلاحظ عدة حقائق وهي:

1- الاسلام دين التسامح لا يرضى بهذه المضايقات بل يحترم اهل الكتاب,فكانت المضايقات فردية وعكست الوضع السائد في كل فترة حدثت فيها.

فان ما دعا عمر عبد العزيز الى التشدد عليهم هو حرصه على الاسلام ونشر الدعوة لا كرها بالديانة المسيحية فامر ولاته بتشجيع اهل الذمة بدخول الاسلام والمساواه وهذا سبب ضرر للدولة الاسلامية لان الجزية تسقط عنهم.

2- لم تكون جميع القيود التي فرضها الخلفاء تطبق بحذافيرها فوالي عمر بن عبد العزيز كانت امه نصرانيه فبنى لها ديرا ثم كان يولي النصارى والمجوس ويطلق ايديهم في الحكومة فيستبدون بالمسلمين.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال