زوج علي بن أبي طالب رضي الله عنه ابنته من فاطمة بنت النبي (ص) من الفاروق حينما سأله زواجها منه رضي الله عنه بما يطلب، وثقة فيه وإقرارًا لفضله ومناقبه، واعترافًا بمحاسنه وجمال سيرته، وإظهارًا بأن بينهم من العلاقات الوطيدة الطيبة والصلات المحكمة المباركة ما يحرق قلوب الحساد من أعداء الأمة المجيدة، ويرغم أنوفهم([1]), فقد كان عمر يكن لأهل البيت محبة خاصة لا يكنها لغيرهم لقرابتهم من رسول الله (ص)، ولما أوصى به رسول الله (ص) من إكرام أهل البيت ورعاية حقوقهم، فمن هذا الباعث خطب عمر أم كلثوم ابنة على وفاطمة رضوان الله عليهم وتودد إليه في ذلك قائلاً: فوالله ما على الأراض رجل يرصد من حسن صحبتها ما أرصد، فقال على: قد فعلت، فأقبل عمر إلى المهاجرين، وهو مسرور قائلاً: رفئوني..ثم ذكر أن سبب زواجه منها ما سمعه من النبي (ص): «كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا ما كان من سببي ونسبي»، فأحببت أن يكون بيني وبين رسول الله × سبب([2]), ولقد أقر بهذا الزواج كل أهل التاريخ والأنساب وجميع محدثي الشيعة وفقهائهم ومكابريهم ومجادليهم وأئمتهم المعصومين حسب زعمهم، ولقد أورد الشيخ إحسان إلهي ظهير روايات بخصوص ذلك في كتابه الشيعة والسنة([3]), ولقد ذكر هذا الزواج علماء أهل السنة في التاريخ وأجمعت مصادرهم عليه، ومن العلماء الذين ذكروا هذا الزواج: الطبري([4]), وابن كثير([5]), والذهبي([6]), وابن الجوزي([7]) والدياربكرى([8]), وقد ذكر هذا([9]) الزواج في كتب التراجم، كابن حجر([10]), وابن سعد([11]), وأسد الغابة، وقد قام الأستاذ أبو معاذ الإسماعيلي في كتابه زواج عمر بن الخطاب من أم كلثوم بنت على بن أبي طالب رضي الله عنهما حقيقة وليس افتراء، بتتبع مراجع مصادر الشيعة وأهل السنة فيما يتعلق بهذا الزواج ورد على الشبهات التي ألصقت بهذا الزواج الميمون، وقد ذكرت شيئًا من سيرتها ومواقفها في حياتها في عهد الفاروق في كتابي (فصل الخطاب في سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، شخصيته وعصره).
هذا وقد ولدت أم كلثوم بنت على من عمر رضي الله عنه ابنة سميت (رقية) وولدًا سمته زيدًا، وقد روى أصحاب زيد أن زيد بن عمر حضر مشاجرة في قوم من بنى عدى بن كعب ليلا فخرج إليهم زيد بن عمر ليصلحهم فأصابته ضربة شجت رأسه ومات من فوره، وحزنت أمه لقتله ووقعت مغشيًا عليها من الحزن فماتت من ساعتها، ودفنت أم كلثوم وابنها زيد بن عمر في وقت واحد، وصلى عليهم عبد الله بن عمر بن الخطاب، قدمه الحسن ابن على بن أبي طالب وصلى خلفه([12]).
([1]) الشيعة وأهل البيت: ص(105).
([2]) إسناده حسن، أخرجه الحاكم في المستدرك (3/142) صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي متعقبًا: منقطع، وأورده الهيثمي في (مجمع الزائد 9/173) وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجالهما رجال الصحيح غير الحسن بن سهل وهو ثقة، وهناك من ضعفه.
([3]) الشيعة وأهل البيت: ص(105).
([4]) تاريخ الطبري (5/28).
([5]) البداية والنهاية (5/220).
([6]) تاريخ الإسلام عهد الخلفاء الراشدين: ص(166).
([7]) المنتظم (4/131).
([8]) تاريخ الخميس نقلا عن زواج عمر من أم كلثوم لأبي معاذ: ص (19).
([9]) الإصابة لابن حجر: ص (276) كتاب الكنى وكتاب النساء.
([10]) الإصابة لابن حجر: ص (276) كتاب الكنى وكتاب النساء.
([11]) أسد الغابة (7/425).
([12]) أسد الغابة (7/45)، ونساء أهل البيت، منصور عبد الحكيم: ص(185، 186).
التسميات
علي والخلفاء الراشدون