عن صهيب مولى العباس، قال: رأيت عليا يقبل يد العباس ورجله ويقول: يا عم، ارض عني([1]). ولنتأمل ما ورد في وصف ضرار الطائى لعلي- رضي الله عنه – حيث يقول: يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما خشن، كان فينا كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه، وينبئنا إذا استنبأناه، ونحن والله مع تقريبه إيانا وقربه منا لا نكاد نكلمه هيبة له([2]).
ومن أقوال أمير المؤمنين في التواضع: «تواضع المرء يكرمه»([3]), إن العبد كلما رسخ في العلم بالكتاب والسنة وعمل بهما، وعرف حقيقة نفسه ازداد تواضعًا لله ولخلقه، كما إن علة من أعجب بنفسه من بعض دعاة اليوم إنما هى من قلة العلم والفهم، إضافة إلى انصراف نظر الداعي إلى كثرة من حوله من الأتباع، وغفلته عن النظر إلى ما عند الله، ثم إلى من فوقه من العلماء الربانيين، وهذا من مداخل الشيطان الخفية على طلاب العلم والمحسوبين على حقل الدعوة، وقد قيل في منشور الحكم: «إذا علمت فلا تفكر في كثرة من دونك من الجهال، ولكن انظر إلى من فوقك من العلماء»([4]).
ونختم هذه الصفة بقول أمير المؤمنين على: «ما أحسن تواضع الغنى للفقير رغبة في ثواب الله، وأحسن منه تيه الفقير على الغني ثقة بالله عز وجل»([5]), والتيه المقصود به: الاستغناء بالله عما في أيدى الأغنياء ولا يعني أبدًا التكبر والغرور.
([1]) أصحاب الرسول (1/224)، السير للذهبي (2/94) إسناده صحيح.
([2]) الاستيعاب (3/1108).
([3]) منهج أمير المؤمنين على في الدعوة، ص (523).
([4]) هداية المرشدين، ص (105) على محفوظ.
([5]) موعظة المؤمنين (2/344)، فرائد الكلام، ص (339).
التسميات
علي بن أبي طالب