عن عبد الله زُرَير الغافقى قال: دخلت على علىَّ بن أبي طالب- رضي الله عنه – فقرب إلينا خزيرة([1]), فقلت: أصلحك الله لو قربت إلينا من هذا البط – يعنى الأوز- فإن الله – عز وجل – قد أكثر الخير، فقال: يا ابن زرير إني سمعت رسول الله (ص) يقول: «لا يحل للخليفة من مال الله إلا قصعتان، قصعة يأكلها هو وأهله، وقصعة يضعها بين يدي الناس»([2]), فهذا أمير المؤمنين على بن أبي طالب –ر ضي الله عنه – يضرب مثلاً عاليا في الورع والزهد في متاع الدنيا الزائل من طعام وشراب، فلقد كان بإمكانه أن يأخذ من بيت المال ما شاء من الأموال مما لا يلفت النظر إليه، حيث يؤمن له معيشة مساوية لأغنياء المسلمين، ولكنه رضي بخشونة العيش إيثارًا للآجلة عن العاجلة، واحتياطًا لأمر دينه، وإبرازًا للقدوة الصالحة، لأنه إذا كان أعلى رجل في الدولة يعيش في هذا المستوى من العيش فإن في ذلك عزاء للفقراء ليصبروا ويرضوا بقضاء الله تعالى وقدره، ووعظًا للأغنياء ليشكروا الله تعالى، فيخففوا من اندفاعهم نحو الترف والإسراف([3]).
([1]) الخزيرة: لحم يقطع ويطبخ بالماء ويذر عليه الدقيق.
([2]) مسند أحمد (1/78) إسناده صحيح، قاله أحمد شاكر وهناك من ضعفه.
([3]) التاريخ الإسلامي (12/431).
التسميات
علي بن أبي طالب