إن البيعة للخليفة الرابع على رضي الله عنه لم تختلف من حيث مبدأ الشورى عن مثيلتها السابقة بالرغم من الأزمة التي ألمت بالأمة، والأحوال المدلهمة والمشكلات المتتابعة، فلم تتم البيعة على أساس عشائرى، أسرى، أو قبلي، أو على أساس عهد ووصية من رسول الله (ص)، ولو وجد شيء من هذا القبيل لما حصل هذا الحوار الطويل، ولما رفض أمير المؤمنين، ولكان أول من يطالب بحقه. بينما كان الناس هم الذين يدفعونه إلى البيعة دفعًا ويلحون عليه في الطلب إلحاحًا، وهو يروغ منهم متخلصًا لعله يحدث ما يمنعه من ذلك إلى أن قبل على كره منه، ولم يطالبوه بهذا على أساس وصية من رسول الله له- ولو وجدوا شيئًا من ذلك لما ترددوا في تنفيذه- ولا على أساس أنه من عبد مناف، أو لأنه من قريش فحسب، بل لأنه من السابقين ومن العشرة المبشرين بالجنة، ولأنه الثاني بعد عثمان في اختيار الناس لهما عند تطبيق عملية الشورى بعد مقتل عمر بن الخطاب، فكان عبد الرحمن بن عوف لا يشير عليه أحد بتنصيب عثمان خليفة بعد عمر إلا سأله لو لم يكن عثمان موجودًا فمن تختار؟ فيقول: علي رضي الله عنه([1]).
([1]) دراسات في عهد النبوة والخلافة الراشدة، ص(282).
التسميات
علي والخلفاء الراشدون