من مواقف أمير المؤمنين على – رضي الله عنه – في الزهد والورع ما رواه هارون بن عنترة عن أبيه قال: دخلت على علىًّ بن أبي طالب بالخورنق([1]), وهو يرعد([2]) تحت سمل قطيفة([3]), فقلت: يا أمير المؤمنين إن الله قد جعل لك ولأهل بيتك في هذا المال، وأنت تصنع بنفسك ما تصنع! فقال: والله ما أرزؤكم من مالكم شيئًا، وإنها لقطيفتي التي خرجت بها من منزلي – أو قال من المدينة-([4]).
وهنا نتساءل فنقول: ما الذي حمل أمير المؤمنين عليًا على أن يعيش عيشة الفقراء وأن يتحمل البرد القارس وهو قادر على أن يشتري أفخر ما يوجد في الأرض من الملابس وأكثرها دفئًا؟ إنه مثال للزهد الحقيقي حيث يرغب عن متاع الدنيا مع القدرة على تحصيله، إنه تلميذ المدرسة النبوية التي ربى فيها على الزهد في متاع الدنيا الزائل، والتنافس على نعيم الآخرة الخالد، فلقد عاش رسول الله (ص) عيشة الفقراء وهو يستطيع أن يكون كأفضل الأغنياء([5]).
([1]) موضع بالكوفة.
([2]) يرعد: من شدة البرد.
([3]) سمل قطيفة: يعنى قطيفة قديمة.
([4]) حلية الأولياء (1/82)، صفة الصفوة (1/316).
([5]) التاريخ الإسلامي (12/428).
التسميات
علي بن أبي طالب