النقل الديداكتيكي.. كيفية بناء المتعلم المفاهيم العلمية بالمدرسة ونقل منهجيات الاستقراء أو الاستنباط أو البناء إلى الفصل الدراسي نقلا ديداكتيكيا

إن النقل الديداكتيكي يشمل جانبا آخر لا يقل أهمية عن الجانب المعرفي ألا وهو تحويل منهجية البحث العلمي démarche scientifique إلى منهجية لبناء المعرفة المدرسية: هل يكون المدرس علماء صغار ويدربهم على كافة  أشكال  البحث و طرقه وعوائقه؟ أم أن الأمر يتعلق فحسب، بنقل المنهجية العلمية و تحويلها إلى منهجية للتدريس منظمة ومرتبة ومطهرة من كل أشكال العوائق و الكبوات التي يتعثر فيها العلماء؟.

الواقع أن هذا الشكل الثاني من المنهجية هو الذي يتوخاه  النقل الديداكتيكي.
كيف يبني المتعلم المفاهيم العلمية بالمدرسة؟

لا شك أن الجواب يكمن في إمكانية نقل منهجيات الاستقراء أو الاستنباط أو البناء إلى الفصل الدراسي نقلا ديداكتيكيا، غير أن ذلك لا يكفي لأن تكوين المتعلم على هذه المنهجية أو تلك يقتضي أيضا تمكينه من تنمية و تطوير بنياته وعملياته العقلية.

كما يقتضي تشكيل مواقف وانفعالات محددة لديه إضافة إلى تمرينه على بعض المهارات الحسية و الحركية التي تستدعيها التجارب العلمية المختلفة.

و لذلك تقاطعت الديداكتيك هنا مع البيداغوجيا لتمكن المشتغلين  بحقل التربية والتعليم من وضع وبناء أساليب تعليمية واستراتيجيات تربوية تتماشى و طبيعة الدرس العلمي.

غير أن شكل التقاطع الذي ينبغي أن يحدث فعليا بين  الديداكتيك والبيداغوجيا لم ينظر إليه بنفس الطريقة من طرف المختصين في كلا الحقلين، إذ برز في هذا الصدد تصوران متميزان حول المسألة:

1- التصور الأول:
يرى أن كلا الحقلين يعملان بشكل منفصل كل على صعيد أو مستوى محدد: بواسطة النقل الديداكتيكي تساهم الديداكتيكا في وضع المبادئ والأسس التي ينبغي أن تنبني عليها صلة المتعلم بالمادة المدرسة انطلاقا من تحويل المعرفة العالمة إلى معرفة مطروحة للتعلم.

أما البيداغوجبا فتركز أساسا على العلاقة بين المدرس والمتعلم، وهي علاقة على ما نعلم، تساهم بهذه الطريقة أو تلك في مساعدة المتعلم على ربط صلات متنوعة مع المحتوى أو المعرفة المدرسية المقترحة.

2- التصور الثاني:
أما التصور الثاني فإنه يجعل من عملية التفكير والبحث الديداكتيكي عملية تقوم على أساسين: أساس ديداكتيكي يساهم في إعادة بناء المعرفة لجعلها معرفة قابلة للتعلم وأساس بيداغوجي يحرص على أن تحدث روابط و علاقات معينة بين المفاهيم و المعرفة في سياق تواصل تعليمي مع المتعلم.

و سواء كان الأمر بهذا الشكل أو ذاك، فإن ما يهم الممارس أي المدرس الذي يجد نفسه في تعامل مباشر مع الطرفين المحتوى والمتعلم، هو التعرف على مختلف المنهجيات البنائية والأساليب البيداغوجية التي يمكن أن يلجأ إليها لأداء تلك المهمة في أفضل مستوى.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال