تَضَجُّعُ قَيْس:
1- نسبت ظاهرة التضجع في قبيلة قيس:
(ب)- ووجدت النص السابق في مجالس ثعلب 1: 100 تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون، وانظر تضجع قيس في: المزهر 1/210 ولم يفسره أيضًا.
2- وفي كتاب العين للخليل 1/243 تحقيق د. عبد الله درويش "كل شيء خفضته فقد أضجعته" ثم يقول: "والإضجاع في القوافي أن يميلها".
وفي القاموس: "والإضجاع في القوافي كالإكفاء أو كالإقواء، وفي الحركات كالإمالة (الخفض). أ هـ " .
وفي شرح القاموس: يقال: أضجع الحرف أي: أماله إلى الكسر. أ هـ.
وفي اللسان (ضجع) 10/87 "وضجعت الشمس وضجَّعت.. مالت للمغيب" "ويقال: أراك ضاجعًا إلى فلان أي: مائلاً إليه..." "ورجل أضجع الثنايا – مائلها".
"ودلو ضاجعة: هي الملأى التي تميل في ارتفاعها من البئر لثقلها" "والإضجاع في باب الحركات مثل الإمالة والخفض" أ هـ اللسان من المادة السابقة في أماكن متفرقة.
فالمادة السابقة تؤكد أن التضجع هو الإمالة في اللغة، وفي الاصطلاح كذلك لما جاء في النص السابق من قولهم: "والإضجاع في باب الحركات مثل الإمالة والخفض".
ونعرض الآن بعض النصوص التي تؤكد أن قبيلة قيس من القبائل المميلة:
(أ)- "العرب مختلفون في ذلك فمنهم من أمال وهم: تميم وأسد وقيس وعامة أهل نجد " (الهمع 2/204 السعادة).
(ب)- "الفتح لغة أهل الحجاز والإمالة لغة عامة أهل نجد من تميم وقيس وأسد" (إبراز المعاني 152 ط الحلبي).
(ج)- وابن الجزري في النشر 2 – 30 يدخل قيسًا في القبائل المميلة.
(أشرف على مراجعته الشيخ الضباع. ط مصطفى محمد).
(ج)- وفي الأشموني، وشرح التصريح للشيخ خالد الأزهري 2- 347 دار إحياء الكتب العربية يقول: "وأما أصحابها (أي الإمالة) فتميم وقيس وأسد وعامة نجد" وكذلك كتب علوم القرآن تدخل قيسًا في القبائل المميلة؛ لهذا لا نوافق المستشرق رابين في كتابه (Ancient West Arabian-P.104) حين زعم أن التضجع هو الكسل في النطق، وأنه أشبه بالعجعجة والغمغمة.
وفي حاشية الصبان على الأشموني 4- 220 ط عيسى الحلبي "وتسمى (الإمالة) الكسر والبطح والإضجاع، وتسمى الكسر، لما فيها من الإمالة إلى الكسر. والبطح، لما فيها من بطح الفتحة إلى الكسر، أي: إمالتها إليه، وأصل بطح الشيء إلقاؤه ورميه، ويلزمه إمالته".
وتسمية الإمالة بالكسر، يوضحه ما ورد في شرح المفصل لابن يعيش 9/54: "وعامة أهل نجد من تميم وأسد وقيس يسرون إلى الكسر" فالكسر في هذا النص معناه الإمالة.
3- والتفخيم هو الأصل، والإمالة فرع عليه (الحجة لابن خالويه ورقة 3 مخطوط بدار الكتب المصرية رقم 19523).
وكل من أمال أو فخم له وجه في العربية لا يدفع، وقصد لا ينكر، إذ إن كل من أمال أو فتح له سند من النقل والرواية، وقد أمال بعض القراء أفعالاً فخمها غيرهم، وحجة كل: أنه أتى باللغتين ليعلم أن القارئ بهما غير خارج عن ألفاظ العرب.
4- وإذا كان التضجع في قيس هو الإمالة كما أثبتنا، فالإمالة: تقريب الألف نحو الياء، والفتحة التي قبلها نحو الكسرة، وهدفها كما يقول ابن يعيش: "تقريب الأصوات بعضها من بعض لضرب من التشاكل" (شرح المفصل 9/54) ففي تضجع قيس تقريب الألف من الياء؛ لأن الألف من الياء، ولأن الألف تطلب من الفم إلى أعلاه، والكسرة تطلب أسفله، فتنافرا، ولهذا جنحت الفتحة نحو الكسرة، والألف نحو الياء، وبهذا زال الثقل، وحل محله الانسجام والتماثل.
ومن الجدير بالذكر أن بطون قيس كانت تؤثر (التضجع) الإمالة.
ففي (جمال القراء) عن صفوان بن عسال أنه سمع رسول الله (ص) يقرأ "يا يحيى" فقيل له: يا رسول الله، تميل وليس هي لغة قريش. فقال: هي لغة الأخوال بني سعد. (الاتفاق 1/93ط حجازي) وبنو سعد ينتهي نسبهم إلى قيس صاحبة التضجع.
ففي (جمال القراء) عن صفوان بن عسال أنه سمع رسول الله (ص) يقرأ "يا يحيى" فقيل له: يا رسول الله، تميل وليس هي لغة قريش. فقال: هي لغة الأخوال بني سعد. (الاتفاق 1/93ط حجازي) وبنو سعد ينتهي نسبهم إلى قيس صاحبة التضجع.
ومن القبائل المميلة (هوازن) وهي من قيس كذلك.
كما أن نظرة واحدة في كتب القراءات القرآنية تريك نماذج للإمالة كثيرة، ويتردد كثيرًا اسم "الكسائي" و"حمزة " في باب الإمالة (النشر 2/35، 54، 62، 71، 82، الإضاءة 38).
5- ولقد ربطت تلك الظاهرة بين قيس في داخل الجزيرة العربية وخارجها:
(أ)- أن قبائل (نجد) أصحاب إمالة (الهمع 2- 204)، وقيس كانت تسكن نجدًا، والوطن الشامي نزلت فيه قبائل نجدية كثيرة، يقول شكيب أرسلان: وتحار عندما ترى جميع الشام تقريبًا تلفظ بالإمالة (المقتطف: يناير ص (40) سنة 1932).
(ب)- كما نجد إمالة غامرة في الأندلس، فأهل غرناطة يقولون: كتيب بدلا من كتاب.
وفي الإحاطة لابن الخطيب 1/35، أن (كوند) المؤرخ الإسباني كان يكتب (هشام) هكذا Hixem ولا يكتبها Hixam، وسافر شكيب إلى الأندلس مرة، وطلب قطع ورقة السفر إلى دانية "تلفظ بها بدون إمالة، فلم يفهموا ماذا يريد حتى ردّه أحدهم: هي Dénia لا Dania" المقتطف يناير ص 42 فما بعدها 1932، ومعلوم أن السواد الأعظم من العرب الذين فتحوا إسبانيا كانوا من أهل الشام.
(ج)- يميل البدو على ساحل مريوط إلى الإمالة. (دراسة لغوية في لهجات البدو في مصر 328 مخطوط بمكتبة دار العلوم. د. عبد العزيز مطر).
ويرى القلقشندي: أن هؤلاء من بني سليم، وبنو سليم من قيس، ومساكنهم ببرقة مما يلي المغرب، ومما يلي مصر (معجم كحالة 2/543) ولهذا تتميز اللهجة الليبية بالإمالة، وهي أشد في "طرابلس"؛ لأن قبائل سليم أقامت في جهات طرابلس زمنًا.
(د)- أما في مصر فتظهر الإمالة في مدينة بلبيس من الشرقية، وفي مديريتي المنوفية والبحيرة وبعض أجزاء الفيوم، وتعليل ذلك سهل ميسور إذا عرفنا أن بطون قيس نزلوا بلبيس كما نزلها مائة أهل بيت من قبيلة سليم التي هي بطن من قيس (البيان والإعراب).
وفي صبح الأعشى 1/364 - 366 "أن لواتة وهم من قيس لهم بمصر بطون كثيرة... وبالمنوفية منهم بنو يحيى، والسوَّه... ومنهم جماعة بالبحيرة، وجماعة بالمنوفية".
ويرى د. عبد المجيد عابدين في كتابه: "من أصول اللهجات العربية في السودان" (ص 64) أن أغلب الظن في الإمالة التي اشتهرت بها معظم اللهجات العربية التي انتشرت في أقطار البحر الأبيض المتوسط قديمًا وحديثًا، إنما ترجع إلى ترادف الهجرات اليمنية والقيسية على هذه الأقطار مع تعاقب العصور.
ومن أجل ذالك احتفظت بطون قيس في المنازل الجديدة التي هاجرت إليها بعد الفتح العربي بالتضجع (الإمالة)؛ لأن لهجاتهم الحديثة تحمل بذورًا أصيلة للهجات القبيلة (الأم) في الجزيرة العربية.
التسميات
فقه اللغة والمعاجم