خدمة المرأة للرجل وعكسه.. لا يجوز استئجار الرجل الأعزب المرأة الأجنبية البالغة للخدمة في بيته مأمونا كان أو غير مأمون وذلك اتقاء للفتنة ولأن الخلوة بها معصية

ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه لا يجوز استئجار الرّجل الأعزب المرأة الأجنبيّة البالغة للخدمة في بيته، مأموناً كان أو غير مأمون وذلك اتّقاء للفتنة، ولأنّ الخلوة بها معصية إلاّ إذا كان الرّجل محرماً لها، أو صغيراً، أو شيخاً هرماً، أو ممسوحاً أو مجبوباً، أو كانت المرأة الخادمة صغيرةً لا تشتهى.
ولا فرق عند الجمهور بين المرأة الحرّة وبين الأمة، ولا بين الجميلة وبين غيرها.
وفي وجه عند الشّافعيّة، أو كانت قبيحةً يؤمن من الرّجل الأجنبيّ عليها ، فحينئذ لا تحرم خدمتها له في بيته لانتفاء خوف الفتنة.
والحرمة - عند الجمهور - إذا كانت الخدمة تتطلّب الخلوة ، أمّا إذا لم تكن تتطلّب الخلوة فيجوز، وكذا إذا كان الرّجل مريضًا ولم يجد من يخدمه.
وذهب بعض الفقهاء إلى جواز استخدام المرأة الأجنبيّة الرّجل جميلةً كانت أو غير جميلة متجالّةً أو غير متجالّة، إلاّ أنّ بعض الفقهاء فرّق بين المتجالّة وغير المتجالّة، كما فرّقوا بين الرّجل العزب الّذي لا نساء عنده من قرابات وزوجات، وبين غيره ممّن لديه زوجة أو قريبة. قال أحمد: يجوز للرّجل أن يستأجر الأمة والحرّة للخدمة ، ولكن يصرف وجهه عن النّظر ليست الأمة مثل الحرّة ولا يخلو معها في بيت ولا ينظر إليها متجرّدةً ولا إلى شعرها. وقال أبو حنيفة: أكره أن يستأجر الرّجل امرأةً حرّةً يستخدمها ويخلو بها وكذلك الأمة.
قال الكاسانيّ: وهو قول أبي يوسف ومحمّد: أمّا الخلوة ، فلأنّ الخلوة بالمرأة الأجنبيّة معصية. وأمّا الاستخدام فلأنّه لا يؤمن معه الاطّلاع عليها والوقوع في المعصية.
وفي المدوّنة قيل لابن القاسم: أرأيت لو أنّ رجلاً استأجر امرأةً حرّةً أو أمةً تخدمه وهو عزب أيجوز هذا أم لا؟ قال: سمعت مالكاً وسئل عن امرأة تعادل الرّجل في المحمل وليس بينهما محرم فكره ذلك، فالّذي يستأجر المرأة تخدمه وليس بينهما محرم، وليس له أهل ، وهو يخلو معها أشدّ عندي كراهيةً من الّذي تعادله المرأة في المحمل.
أمّا خادم المرأة فلا يجوز أن يكون رجلًا كبيرًا ممّن لا يحلّ له النّظر إليها، لأنّ الخادم يلزم المخدوم في غالب أحواله، فلا يسلم من النّظر والخلوة المحرّمة إلاّ إذا كان الخادم صبيّاً لم يبلغ الحلم، أو محرماً للمرأة المخدومة، أو عبداً مملوكها، أو ممسوحاً، أو نحوه فيجوز أن يخدمها. وهذا في الخدمة الباطنة، أمّا الخدمة الظّاهرة  مثل قضاء الحوائج من السّوق، فيجوز أن يتولّاها الرّجل الأجنبيّ.
قال الحطّاب: وسئل عن المرأة العزبة الكبيرة تلجأ إلى الرّجل، فيقوم لها بحوائجها ويناولها الحاجة، هل ترى له ذلك جائزاً؟ قال: لا بأس به وليدخل معه غيره أحبّ إليّ، ولو تركها النّاس لضاعت، وهذا على ما قال إنّه جائز للرّجل أن يقوم للمرأة الأجنبيّة بحوائجها ويناولها الحاجة إذا غضّ بصره عمّا لا يحلّ له النّظر إليه، ممّا لا يظهر من زينتها، لقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} وذلك الوجه والكفّان على ما قاله أهل التّأويل، فجائز للرّجل أن ينظر إلى ذلك من المرأة عند الحاجة والضّرورة ، فإن اضطرّ إلى الدّخول عليها أدخل غيره معه ليبعد سوء الظّنّ عن نفسه.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال