على الرغم من تورط بعض البنوك في منطقتنا العربية بشراء أو الاستثمار في سندات الرهن العقاري عالية المخاطرة, فإن النظام المصرفي الإسلامي ممثلاً بالمصارف الإسلامية في شتى أنحاء العالم وليس فقط في الدول العربية والإسلامية كان بمنأى عن الأزمة ونتائجها على الصعيد المالي.
ففي الوقت الذي نشهد فيه تعرض بعض البنوك في المنطقة لحالات عجز (مثل بنك الخليج "الكويت"), أو حتى للإفلاس أو لفقدان حجم كبير من السيولة التي يملكها, نجد أن البنوك الإسلامية بقيت خارج دائرة الخطر, بسبب السياسات الائتمانية التي تتبعها والتي تتسم بالمحافظة وتجنب الدخول في أدوات الدين أو أدوات الاستثمار التقليدية, الأمر الذي مكنها من اكتساب استقرار في الودائع لدرجة عالية, وكسب ثقة العملاء في الوقت الذي لا تتوافر فيه هذه الأمور للمصارف التقليدية.
وهذا ما خلصت إليه صحيفة كريستيان ساينس مونيتور , حيث أشارت إلى أنه في وقت تفاقم الأزمة المالية العالمية, ينظر حالياً إلى البنوك الإسلامية على أنها قاعدة مصرفية آمنة, وأشارت إلى أن أعداد المنتسبين إليها من الأفراد والشركات في تزايد مستمر.
وأشارت الصحيفة إلى دراسة جديدة أصدرتها "إنترناشيونال سيرفسز- لندن" وهي مؤسسة مستقلة تمثل صناعة الخدمات المالية البريطانية, تفيد بأن البنوك الإسلامية بشكل عام لن تتضرر من الأزمة الحالية بسبب هيكليتها التي لا تتعامل أو تتعامل بشكل بسيط فقط مع الأدوات المالية المعقدة التي كانت السبب وراء الأزمة المالية الحالية, مثل المشتقات والبيع على المكشوف.
ومما يؤكد عدم تأثر المصارف الإسلامية بالأزمة المالية ازدياد قطاع الخدمات المصرفية الإسلامية نمواً سنوياً مقداره 15 % في عام 2008م، وبلغ حجمه حول العالم حوالي التريليون دولار, مع توقعات باستمرار النمو في أصول الصيرفة الإسلامية بنسبة 15 %.ويلاحظ أن المصارف الإسلامية تزيد من الطلب على الموظفين، في الوقت الذي تقوم فيه البنوك الغربية بتخفيض عدد الموظفين لديها وبأعداد كبيرة.
أما على صعيد الأرباح المتحققة, فقد حققت الكثير من المصارف الإسلامية نمواً في الأرباح زاد عن الأعوام السابقة, في الوقت الذي تعرضت فيه الكثير من المصارف التقليدية لخسائر فادحة, وعلى السبيل لا الحصر, فإن مجموعة البركة المصرفية حققت إيرادات تشغيلية بقيمة 586 مليون دولار عن عام 2008, ونما صافي أرباح المجموعة بنسبة 37 % ليصل إلى 201 مليون دولار أمريكي.
وعلى الرغم من عدم تأثر المصارف الإسلامية بالأزمة المالية بشكل مباشر فإنه لا يمكننا إهمال التأثيرات غير المباشرة التي من الممكن أن تتعرض لها المصارف الإسلامية نتيجة الأزمة العالمية, نظراً لأن المصارف الإسلامية تعيش في عالم يطغى فيها التمويل بالفوائد على غيره.
لذا فلا مفر من أن تتأثر بالعوامل غير المباشرة ولا سيما الكساد، وتدني أسعار الأصول, ولا نقول ضياع الأصول بكاملها كما في المصارف التقليدية. لكن بشكل عام فإن اقتصار تأثر النظام المصرفي الإسلامي على العوامل غير المباشرة يعني أن المصارف الإسلامية سيكون تأثرها أقل, وقدرتها على الصمود أكبر مقارنةً بالمصارف التقليدية.
التسميات
أزمة مالية