لقب رأس الدولة في عهد عمر بن الخطاب:
لم يرد أن الرسول (ص) ولا خليفته الأول أبا بكر رضي الله عنه، قد استخدما رمزاً لرأس الدولة، أو أطلقا لقباً من الألقاب المختلفة على قائدها، تلك الرموز والألقاب التي أضحت اليوم من الأهمية بمكان، وترمز لسيادة الدولة وحرمتها، مثل لقب: الرئيس، والأمير، والإمام، والمستشار، والملك، والسلطان... إلخ.
وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو أول من أطلق لقب أمير المؤمنين على الخليفة الذي ينعقد عليه إجماع أهل الحل والعقد قائداً لركبهم وفي رأس مسيرتهم، وهو لقب لم يسبق له وجود عند أهل الأرض حسبما يؤكد التاريخ.
أمير المؤمنين:
وبالتالي كان عمر رضي الله عنه أول من لقب بهذا اللقب المهيب (وهو أول من سمي بأمير المؤمنين، وكان أول من حياه بها المغيرة بن شعبة، وقيل غيره)([1]) وقد أخذ القوس باريها، و"وافق شنٌ طبقة".
ولم يسجل اعتراض على هذا اللقب باعتباره شعاراً مبتدعاً، أو استخدام لألفاظ غير معهودة من قبل، بل استقبلت جماهير الصحابة رضي الله عنهم ذلك الحدث بالحفاوة والترحاب، لأنه خالي من التقليد، ويتميز بدلالته الكبرى ومعناه العميق في الإشارة إلى وحدة الصف ووحدة القيادة ولمَّ شتات المسلمين، وهي الحلقة المفقودة في عالمنا اليوم، بعد أن سرق خصمنا المعنى ذاته وطبقه عملياً في جانب حياته المادي.
خليفة خليفة رسول الله:
أما كلمة "خليفة" التي أطلقت على أبي بكر ومن بعده عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما- في بادئ الأمر، فهي لا تعتبر لقباً دقيقا يشار به لرأس الدولة وقائد ركبها، بل تعني أن هذا الشخص خلفاً لمن كان قبله، بدليل استخدام عمر رضي الله عنه للقب أمير المؤمنين رغم وجود كلمة " خليفة "وانطباقها عليه".
بل لما توفى أبو بكر رضي عنه واستخلف عمر بن الخطاب (ض) من بعده، قيل لعمر خليفة خليفة رسول الله، فقال المسلمون: فمن جاء بعد عمر قيل له خليفة خليفة خليفة رسول الله، فيطول هذا، ولكن أجمعوا على اسم تدعون به الخليفة " ([2]).
فأجمعوا على لقب أمير المؤمنين، وأصبح رمزاً يُشار به لرأس الدولة، ونتمنى أن يعود للمسلمين رشدهم ليلتفوا حول أميرٍ لهم.
[1] - الحافظ ابن كثير، البداية والنهاية ، ج7 ص18.
[2] - طبقات ابن سعد، مرجع سابق ،ص413.
التسميات
عمر بن الخطاب