تضمين الخاتن.. إذا مات المختون بسبب سراية جرح الختان أو إذا جاوز القطع إلى الحشفة أو بعضها أو قطع في غير محل القطع

اتّفق الفقهاء على تضمين الخاتن إذا مات المختون بسبب سراية جرح الختان، أو إذا جاوز القطع إلى الحشفة أو بعضها أو قطع في غير محلّ القطع. وحكمه في الضّمان حكم الطّبيب أي أنّه يضمن مع التّفريط أو التّعدّي وإذا لم يكن من أهل المعرفة بالختان. وللفقهاء تفصيل في هذه المسألة:
فذهب الحنفيّة إلى أنّ الخاتن إذا ختن صبيّاً فقطع حشفته ومات الصّبيّ، فعلى عاقلة الخاتن نصف ديته، وإن لم يمت فعلى عاقلته الدّية كلّها، وذلك لأنّ الموت حصل بفعلين:
أحدهما مأذون فيه وهو قطع القلفة، والآخر غير مأذون فيه وهو قطع الحشفة ، فيجب نصف الضّمان. أمّا إذا برئ فيجعل قطع الجلدة وهو المأذون فيه كأن لم يكن، وقطع الحشفة غير مأذون فيه فوجب ضمان الحشفة كاملاً وهو الدّية، لأنّ الحشفة عضو مقصود لا ثاني له في النّفس فيقدّر بدله ببدل النّفس كما في قطع اللّسان.
وذهب المالكيّة إلى أنّه لا ضمان على الخاتن إذا كان عارفاً متقناً لمهنته ولم يخطئ في فعله كالطّبيب، لأنّ الختان فيه تغرير فكأنّ المختون عرّض نفسه لما أصابه.
فإن كان الخاتن من أهل المعرفة بالختان وأخطأ في فعله فالدّية على عاقلته، فإن لم يكن من أهل المعرفة عوقب، وفي كون الدّية على عاقلته أو في ماله قولان : فلابن القاسم إنّها على العاقلة، وعن مالك وهو الرّاجح إنّها في ماله. لأنّ فعله عمد والعاقلة لا تحمل عمداً. وذهب الشّافعيّة إلى أنّ الخاتن إذا تعدّى بالجرح المهلك، كأن ختنه في سنّ لا يحتمله لضعف ونحوه أو شدّة حرّ أو برد فمات لزمه القصاص، فإن ظنّ كونه محتملًا فالمتّجه عدم القود لانتفاء التّعدّي. ويستثنى من حكم القود الوالد وإن علا، لأنّه لا يقتل بولده، وتلزمه دية مغلّظة في ماله لأنّه عمد محض. فإن احتمل الختان وختنه وليّ، أو وصيّ، أو قيّم فمات، فلا ضمان في الأصحّ لإحسانه بالختان، إذ هو أسهل عليه ما دام صغيراً بخلاف الأجنبيّ لتعدّيه ولو مع قصد إقامة الشّعار.
ولم ير الزّركشيّ القود في هذه الحالة على الأجنبيّ أيضاً لأنّه ظنّ أنّه يقيم شعيرةً .
وذهب الحنابلة إلى أنّه لا ضمان على الخاتن إذا عرف منه حذق الصّنعة ، ولم تجن يده، لأنّه فعل فعلاً مباحاً فلم يضمن سرايته كما في الحدود، وكذلك لا ضمان إذا كان الختان بإذن وليّه، أو وليّ غيره أو الحاكم. فإن لم يكن له حذق في الصّنعة ضمن، لأنّه لا يحلّ له مباشرة القطع، فإن قطع فقد فعل محرّماً غير مأذون فيه ، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من تطبّب ولا يعلم منه طبّ فهو ضامن» وكذلك يضمن إذا أذن له الوليّ وكان حاذقاً ولكن جنت يده ولو خطأً، مثل أن جاوز قطع الختان فقطع الحشفة أو بعضها، أو غير محلّ القطع، أو قطع بآلة يكثر ألمها، أو في وقت لا يصلح القطع فيه. وكذلك يضمن إذا قطع بغير إذن الوليّ.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال