العولمة وضرورة الإصلاح والخصخصة فى مصر.. هيمنة المشروعات والمؤسسات الحكومية على النشاط الاقتصادي. ارتفاع معدل الحماية. ضعف الصادرات السلعية والارتفاع المتواصل للواردات

لقد فرضت مرحلة العالمية فى ظل الحرب الباردة على الاقتصاد المصري، مثل كثير من الاقتصاديات النامية، نوعا غريبا من التكيف دام نحو ثلاث عقود ونصف.

لقد اتسم هذا التكيف ببناء اقتصاد مختلط تواجهه آليات التخطيط وآليات السوق معا لذلك سماه البعض اقتصادا مخططا شبة مركزي، أو رأسمالية الدولة شبه الاحتكارية.

وقد أفرز هذا المنهج بنية اقتصادية صنعت واقعا اقتصاديا له سمات محددة أهمها:

1- هيمنة المشروعات والمؤسسات الحكومية على النشاط الاقتصادي.

2- ارتفاع معدل الحماية: حيث بلغ متوسط التعريفة على الواردات أكثر من 50% وهى من المعدلات المرتفعة جدا على مستوى الدول المثيلة.

3- ضعف الصادرات السلعية والارتفاع المتواصل للواردات، وهو اثر مباشر للحماية الجمركية.

4- انخفاض معدلات النمو الاقتصادى إلى مستويات تقل عن معدل الزيادة فى السكان، مع تفاقم ظاهرة البطالة السافرة كأثر لنقص معدل التشغيل.

5- وجود جهاز مشوه للاثمان سواء للسلع او للنقود (صرف وفائدة)، وكان ذلك من اثر التدخل الحكومى. فهل يستطيع الاقتصاد المصرى بهذه السمات والملامح ان يواجه اقتصاديات الدول الاخرى فى ظل تحديات العولمة التى اشرنا اليها؟.

وكيف يستطيع الاقتصاد المصرى ان يواجه تحدياته الداخلية وأهمها ان ينمو بمعدل متوسط لا يقل عن 7% لمدة 30 سنة متواصلة على الأقل وبنيته غير مهيأة للتعامل مع عالم حرية التجارة والمنافسة والتكتلات الاقتصادية المبنية على مناطق التجارة الحرة؟.

كان لابد من إصلاح اقتصادى شامل وعميق لتصحيح الهياكل والبنيات وتصحيح الاختلالات وتحسين المناخ الكلى بهدف جذب الاستثمار الخاص لإنشاء شركات ومؤسسات إنتاجية جديدة.

كان لابد أيضا وبسرعة من تحسين أداء الاستثمارات القائمة وزيادة كفاءتها ليس فقط لكى تتمكن من التصدير والمنافسة مع المنتجين الآخرين خارج حدود الوطن، بل لكى تبقى وتواجه المنافسة الداخلية سواء من المنتجين الجدد المصريين (القطاع الخاص) او من السلع المستوردة فى ظل مناخ مفعم بحرية التجارة.

6- لقد دل التحليل العلمى والعملى لكفاءة الاستثمارات القائمة، وهى فى الأساس استثمارات عامة وضعتها الدولة فى ميدان الإنتاج طيلة العقود الأربعة الماضية ان معظم هذه الاستثمارات قليلة الكفاءة.

كما أن إيراداتها كانت تغطى مصروفاتها تحت مظلة الاحتكار وخلف أسوار الحماية.
وما إن فتحت الأبواب للواردات ولإنتاج القطاع الخاص حتى عانت كثير من المشروعات من الخسائر.

لقد دلت التجربة على ان إنتاج السلع فى القطاع العام يتسم بقلة الكفاءة ولا يعيش الا فى ظل الاحتكار وخلف الحماية، وهما شرطان لا يمكن توافرهما فى عالم اليوم او الغد  عالم المنافسة والتميز وحرية التجارة.

7- لقد وجد أن أنسب أسلوب عملى لتحول هذه المشروعات الحكومية قليلة الكفاءة إلى مشروعات أكثر كفاءة هو نقلها الى الإدارة الخاصة من خلال نقل الملكية أو الإدارة او التأجير اى خصخصتها.

من هنا كان برنامج الخصخصة احد أهم عناصر برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى يهدف الى تحول الاقتصاد المصرى الى اقتصاد تقوده آليات السوق ليتكيف مع الاقتصاد العالمى الجديد، اقتصاد ما بعد الحرب الباردة.

لقد صاغت الحكومة المصرية برنامجها فى الخصخصة، والذى يجرى تنفيذه بدأب واصرار، وحققت حتى الان نتائج مرضية، وبدأ الاقتصاد المصرى يتكيف مع الاقتصاد العالمى وحقق فى ظل التحرير والخصخصة والتكيف نتائج أفضل، ويتوقع الخبراء والمراقبون ان تشهد الأعوام القليلة القادمة نموا أعلى وتوظيفا أكثر.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال