الأدب في العصر الحديث.. الإبداع الذي يستخدم الكتابة وسيلة و الكلمة مادة له. سجّل لتراث الأمة من علومها ومعارفها عبر عصورها

معنى كلمة (أدب) في العصر الحديث:

نجد أنّ معنى كلمة (أدب) في العصر الحديث أصبحت تقتصر عن (الإبداع) الذي يستخدم الكتابة وسيلة و الكلمة مادة له.
الأدب هو مَلكة أو براعة راسخة في النفس، كما أنّه سجّل لتراث الأمة من علومها ومعارفها عبر عصورها، معروفة باُسلوب جميل مشرق.
وقد استعملت لفظة «الأدب» على مجموعة من الآثار المكتوبة التي يتجلّى فيها العقل الإنساني بالإنشاء والفنّ الكتابي.
ويمكن القول بأنّ الأدب هو مجموع الكلام الجيّد المروي نثراً وشعراً.

تعريف الأدب:

وللوصول إلى تعريف للأدب, أو لمعرفة ماهية الأدب، سنقف على أقوال و آراء بعض الدارسين المـُعاصرين لنتوصل بذلك إلى تكوين رؤية مُستخلصة مِنْ هذه التعريفات و الآراء.

الأدب عند كارل بروكلمان:

و يرى كارل بروكلمان أنه من  الممْكِن إِطْلَاق لِفَظّ: اَلْأَدَب، بِأَوسع معانِيه عَلَى كل مَا صاغه اَلْإِنْسَان في قالب لغوِي لِيوصِلهُ إِلَى اَلذاكِرَة.

الأدب عند ميخائيل نعيمة:

أما ميخائيل نعيمة يعرّف الأدب بأنه تعبير عن الحياة النفسية والاجتماعية من جميع نواحيها.
هذا التعريف للأدب كان نابعًا من احتكاكه بالثقافة الغربية؛ ذلك أنه حينما كان متأثرًا بالأدب الروسي كان يريد من الأديب أن يلتزم بما يجري داخل مجتمعه من ثورات والتبشير بها؛ لكنه حينما انغمس في الحياة الأمريكية انسحب من عالم المجتمع وارتدَّ إلى ذاته وإلى عوالمها، ثم اعتبر نفسَ الإنسان محور الأدب: أي الإنسان كوحدة في الوجود، لا كفرد في المجتمع. لهذا، «لا يخلد من الآثار إلاَّ ما كان فيه بعض من الروح الخالدة».

الأدب عند محمد مندور:

كما يصف الدكتور محمد مندور تعريف العرب للأدب على أنه الشعر و النثر الفني والأخذ من كل علمٍ بطرف، بأنه تعريف سطحي ضيق لا يحدد للأدب أصولاً و لا أهدافًا.
ويقول بأن المفهوم الغربي للأدب أوسع و أعمق، فهم يقولون بأنَّ الأدب يشمل كل الآثار اللغوية التي تُثير فينا بفضل خصائص صياغتها انفعالات عاطفية أو احساسيات جمالية.
فهم يميزون الأدب بأثره النفسي.
ثمَّ يورد أحد تعريفات الغرب للأدب: "الأدب صياغة فنية لتجربة بشرية" و يقول الدكتور محمد مندور بأنَّ هذا التعريف انتشر عند دُعاة التجديد في العالم العربي مِنْ أمثال عباس محمود العقاد و إبراهيم المازني اللذان نقدا شعر أحمد شوقي وحافظ إبراهيم في كتاب (الديوان).

تجربة بشرية:

وكذلك تأثر ميخائيل نعيمة بهذا التعريف في كتاب (الغربال)... ولكنَّ هؤلاء المتأثرين فسروا عبارة التجربة البشرية تفسيرًا ضيقًا فقالوا أن التجربة البشرية هي تجربة شخصية يجب أن يعيشها الشاعر وإلا كانَ شعره كاذبًا.
وهذا الفهم بلا شك ضيق لأن معايير الصدق و الكذب لا يُمكن أَنْ تُطبق على الأدب، لأنَّ الأديب ذا خيال خصب خلاَّق ومُلاحظة دقيقة نافذة يستطيع أَنْ يخلق بخياله تجارب بشرية قد تكون أعمق من تجارب الحياة، كما يستطيع عبر ملاحظته الدقيقة أَنْ يصوغ تجارب للغير يستمدها من محيطه الإنساني و مع ذلك لا تقل صدقًا عَنْ واقع الحياة الإنسانية العام.

الأدب عند شوقي ضيف:

و يعرّف د. شوقي ضيف الأدب بأنّه الكلام الإنشائي البليغ، الذي يقصد به التأثير في عواطف القرّاء و السامعين، سواء أكان شعراً أم نثراً".
وقد اتفق د. محمد عبد القادر مع د. شوقي ضيف في تعريف الأدب و ذلك في كتابه (دراسات في أدب) بأنه "الكلام الإنساني البليغ الذي يقصد به إلى التأثير في عواطف القراء أو السامعين أو في عقولهم بالإقناع سواء أكان منظوماً أم منثوراً... ويتمثل في كونه الذخر الإنشائي الذي جادت به قرائح الأفذاذ من أعلام البيان وعبروا به عن خلجات النفس وما يجيش به الوجدان، وما تترنم به العاطفة، ويسبح فيه الخيال، وما توحي به مظاهر الكون وأحوال المجتمع مما في تصويره غذاء للغة وإمتاع للنفس".

الأدب عند محمد حسن عبد الله:

أمّا د. محمد حسن عبد الله فيصفه بأنه: "التعبير عن تجربة إنسانية بلغة تصويريّة هدفها التأثير، في شكل فني جمالي قادر على توصيل تلك التّجربة".

الأدب عند محمد غنيمي هلال:

ويقول الدكتور محمد غنيمي هلال: "أمَّا الأدب، فكثيرًا ما اختلف الباحثون في  تعريفه و طال جدالهم فيه... و لكن مهما يكن بينهم من اختلاف فهم لا يُمارون في توافر عنصرين في كل ما يصح أَنْ نُطلق عليه أدبًا، هُما: الفكرة و قالبها الفني, أو المادة و الصيغة التي تُصاغ فيها.
وهذان العنصران يتمثلان في جميع صور الإنتاج الأدبي: سواءً أكان تصويرًا لاحساسات الشاعر وخلجات نفسه تجاه عظمة الكون وما فيه من جمال و أسرار، أم كان تعبيرًا عَنْ أفكار الكاتب في الإنسان و المجتمع.
وسواءً كانَ ذلك الإنتاج الأدبي رسالة أو مقالة، أم مسرحية أو قصة...". فالدكتور محمد غنيمي هلال يرى أَنْ الأدب لا بد أن يتوافر على عنصري الفكرة والقوالب الفني أو الصيغ الذي تُصب فيها هذه الفكرة، كأن تُصاغ في قصيدة أو في خاطرة أو في قصة.
أمَّا مادة الأدب التي يُصاغ بها فهي اللغة.
فالأدب إذن تعبير مادته اللغة، يشتمل على فكرة يُعبر عنها في قالب فني مُعين.

الأدب عند مريم بغدادي:

أمّا د. مريم بغدادي في (المدخل لدراسة الأدب) فإنها عرّفت الأدب بأنّه: "مجموعة من التجارب الإنسانية التي تفرضها الحياة البشرية بأطرافها و اتجاهاتها المختلفة على مدى الحياة و امتداد الزمن و مراحل التطور الإنساني بكل تناقضاته ومن خلال تطوره أو انحداره".
أحدث أقدم

نموذج الاتصال