التحولات من العالمية إلى العولمة.. تعزيز وتقوية دور المنظمات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومؤسساته ومؤسسات الأمم المتحدة والمؤسسات والهيئات المانحة التابعة للدول الصناعية

مع نهاية الثمانينات وبداية التسعينات حدثت تحولات عالمية عميقة أطلق عليها لفظ "عولمة" وهى تختلف تماما عما كان يسمى "عالمية" رغم أنها تستند تماما الى مفهوم العالمية Internationalization الكامن في جوهر نظام اقتصاد السوق.

إن العولمة تعني سعي نظام السوق لان يفرض نفسه على العالم، وهى بذلك مطابقة للعالمية.
لكن هذا السعى يتم فى ظروف مختلفة تماما لم تمر على البشرية من قبل وأهمها:

- أن العولمة تعنى السعى لفرض نظام السوق بمؤسساته وقيمه الحالية اى ان   العولمة تتم فى وجود نظام اقتصادى عالمى سائد واحد هو نظام السوق.

- أن ظاهرة "العولمة" تتم فى ظل، وبعد إنجاز، ثورة علمية هائلة فى الاتصالات والمعلومات جعلت العالم كله وكأنه قرية واحدة صغيرة.

لقد مثلت ثورة الاتصالات والمعلومات أعظم أدوات تحقيق " العالمية" فى طورها الجديد  أي "العولمة".

- أن ظاهرة "العالمية" الجديدة، اى "العولمة" تتم بعد نجاح الدول الصناعية وهي دول اقتصاديات السوق  في تحقيق إنجازات تكنولوجية هائلة ترقى لمرتبة الثورات التكنولوجية فى كل ميادين الحياة.
وهذه الثورات قد استفادت منها الشعوب بدراجات متفاوتة.

لقد حدث ذلك فى الوقت الذى انهار فيه الشق الآخر من النظام العالمي، النظام السوفيتى القائم على التخطيط المركزي، مما جعل نظام السوق أكثر بريقا وإغراءا أمام قطاعات واسعة من شعوب بلادنا النامية.
وقدم ذلك بيئة مواتية لانتشار تيار "العولمة".

- نجحت دول اقتصاد السوق فى تعزيز وتقوية دور المنظمات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومؤسساته ومؤسسات الأمم المتحدة والمؤسسات والهيئات المانحة التابعة للدول الصناعية، وكلها منظمات ومؤسسات تنشر فكر اقتصاديات السوق وتدعم تطبيقاته، وهو رافد هام يصب فى محيط العولمة.

- فى إطار نظام اقتصادى واحد هو نظام السوق أصبح ميسورا، أكثر من اى وقت مضى، السعى لتحرير التجارة وإزالة المعوقات والحواجز التى فرضت عليها خلال فترة الحرب الباردة.

فتحرير التجارة سيؤدى الى نمو حركة رؤوس الأموال، وهو ما يدعم تيار العولمة. ان توقيع أعضاء الجات على اتفاقية مراكش المعروفة بجولة اورجواى يعتبر علامة هامة من علامات التحولات الاقتصادية فى النصف الثانى من القرن العشرين.

- أن العولمة بهذا الشكل، وفى مثل تلك الظروف، سوف تفرض منافسة طاحنة بين المؤسسات الإنتاجية وبين الدول على الصعيد العالمي، ولتنظيم هذه المنافسة وإدارتها سعت مختلف مستويات النظام العالمي إلى تعزيز وتنشيط التكتلات الاقتصادية وخلق مناطق للتجارة الحرة تضم دول اقتصاد السوق الصناعية المتقدمة والدول المجاورة لها، وخصوصا الأقل نموا.

وقد فرض هذا الاتجاه الجديد تحديات جديدة أمام الدول الأقل نموا أهمها انه لم يعد أمامها خيارات كثيرة او بدائل لعدم الانضمام الى هذه التجمعات.

وإذا قررت الانضمام فستجد نفسها أمام مسـتويين من المنافسة، منافسة داخل التكتل حيث ستحرر وارداتها من دول التكتل بسرعة وهو ما سيهدد إنتاجها المحلى خصوصا فى مواجهة منتجات الدول الصناعية المتقدمة الأعضاء في التكتل.

ولن يفيدها كثيرا تحرير الدول الصناعية لورداتها منها لضعف منتجاتها كما وكيفا في أسواق الدول الصناعية.
كما انها ستواجه منافسة خارج التجمع من دول العالم المنخرطة فى تكتلات اقتصادية وتجارية أخرى، أو غير المنخرطة لأنها جميعا تسعى الى تحرير التجارة وتزيد من قدراتها التنافسية.

لقد أصبح العلم يتحول إلى ساحة يبدو ان الصراع فيها سيكون محموما، ولم تعد المنافسة بين "فريق" و"فريق"، بل بين دول منفردة كلها تنتمى لفريق واحد، وزاد الموقف احتداما ان تشكلت داخل الفريق الواحد تكتلات تتنافس على قمة النظام.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال