تعيين المطلقة بالإشارة أو بالصفة أو بالنية.. لو قال: نساء المسلمين طوالق لم تطلق امرأته في الأصح عند الشافعية

اتّفق الفقهاء على اشتراط تعيين المطلّقة، وطرق التّعيين ثلاثة :
الإشارة، والوصف، والنّيّة، فأيّها قدّم جاز، فإذا تعارض الثّلاثة ففيه التّفصيل التّالي: اتّفق الفقهاء على أنّه إذا عيّن المطلّقة بالإشارة والصّفة والنّيّة وقع الطّلاق على المعيّنة، كأن قال لزوجته الّتي اسمها عمرة مشيراً إليها: يا عمرة، أنت طالق، قاصداً طلاقها، فإنّها تطلق بالاتّفاق، لتمام التّعيين بذلك.
فإن أشار إلى واحدة من نسائه لمتعدّدات دون أن يصفها بوصف، ولم ينو غيرها، وقال لها: أنت طالق، وقع الطّلاق عليها بالاتّفاق أيضاً، لأنّ الإشارة كافية للتّعيين، وكذلك إذا وصفها بوصفها دون إشارة ودون قصد غيرها، فإنّها تطلق أيضاً، كما إذا قال: سلمى طالق.
فإن نوى واحدةً من نسائه، ولم يشر إليها ولم يصفها ، كما إذا قال: إحدى نسائي طالق، ونوى واحدةً منهنّ، فإنّها تطلق دون غيرها، وكذلك لو قال: امرأتي طالق، وليس له غير زوجة واحدة، فإنّها تطلق.
فإن أشار إلى واحدة من نسائه،  ووصف غيرها، بأن قال لإحدى زوجاته واسمها سلمى: أنت يا عمرة طالق، وكانت الأخرى اسمها عمرة، طلقت المشار إليها عند الحنفيّة قضاءً، ولم تطلق عمرة للقاعدة الفقهيّة الكلّيّة: الوصف في الحاضر لغو، وفي الغائب معتبر وكذلك إذا أشار إليها ووصفها بغير وصفها، فإنّها تطلق، كما إذا قال لامرأته، أنت يا غزالة طالق، للقاعدة السّابقة .
فإذا لم يشر إليها، ولكن وصفها بوصف هو فيها، وعنى بها غيرها، كأن قال: زوجتي سلمى طالق، وقصد غيرها، ديّن إن كان له زوجة اسمها سلمى - ووقع ديانةً - فإن لم يكن له لم يقع الطّلاق عليه ديانةً ولا قضاءً، لعدم التّعيّن أصلاً، وعدم احتمال اللّفظ للنّيّة.
فإن قال: نساء الدّنيا كلّهنّ طوالق، ونوى زوجته، طلقت زوجته عند الحنفيّة، فإن لم ينوها لم تطلق، وإن قال: نساء محلّتي كلّهنّ طوالق، طلقت زوجته، نواها أم لم ينوها، فإن قال: نساء مدينتي كلّهنّ طوالق، فإن نوى زوجته فيهنّ طلقت، وإلاّ، فقد ذهب أبو يوسف إلى عدم طلاقها، وهو رواية عن محمّد بن الحسن أيضاً، وفي رواية أخرى عن محمّد بن الحسن أنّها تطلق كما في نساء الحيّ.
ولو قال: نساء المسلمين طوالق لم تطلق امرأته في الأصحّ عند الشّافعيّة.
ولو كان له زوجتان: سلمى وعمرة، فدعا سلمى فأجابته عمرة، فظنّها سلمى فطلّقها، طلقت سلمى ديانةً وقضاءً عند المالكيّة للقصد، أمّا عمرة فتطلق قضاءً لا ديانةً لعدم القصد.
وذهب الشّافعيّة إلى طلاق المجيبة في الأصحّ، أمّا المناداة فلم تطلق، وفي قول آخر لم تطلقا.
ولو قال الرّجل لزوجته وأجنبيّة معها: إحداكما طالق، ثمّ قال: قصدت الأجنبيّة، قبل قوله في الأصحّ لدى الشّافعيّة، لاحتمال كلامه ذلك ولكون الأجنبيّة من حيث الجملة قابلةً - أي للطّلاق - فتقدّم النّيّة، وفي قول آخر تطلق زوجته، لأنّها محلّ الطّلاق دون الثّانية، فلا يصرف قوله إلى قصده، للقاعدة الفقهيّة الكلّيّة: إعمال الكلام أولى من إهماله، فإن لم يكن له قصد أصلاً، طلقت زوجته قولاً واحداً للقاعدة السّابقة، فلو قال لزوجته ورجل: أحدكما طالق، وقصد الرّجل، بطل قصده، وطلقت زوجته، لأنّ الرّجل ليس محلّ الطّلاق أصلاً.
ولو قال لإحدى زوجتيه: إحداكما طالق إن فعلت كذا، ثمّ فعل المحلوف عليه بعد موت إحداهما، تعيّنت الثّانية الحيّة للطّلاق، طلقت.
ونصّ الحنابلة على أنّه لو قال لزوجاته الأربع: إحداكنّ طالق، فإن كان له نيّة طلقت الّتي نواها، وإن لم يكن له نيّة أقرع بينهنّ، ومن وقعت القرعة عليها كانت هي المطلّقة، وقال مالك: طلقن جميعاً، وذهب الجمهور إلى أنّه يخيّر، ويقع الطّلاق على من يختارها منهنّ للطّلاق.
فإن طلّق واحدةً من نسائه ونسيها، أخرجت المطلّقة بالقرعة أيضاً عند الحنابلة.
وعند أكثر الفقهاء لا يعوّل على القرعة لبيان من وقع الطّلاق عليها، ولكن على تعيينه هو.
وتطليق جزء المطلّقة كتطليقها كلّها إذا كان الجزء شائعاً وأضافه إليها، كقوله لزوجته: نصفك طالق، أو ثلثك، أو ربعك، أو جزء من ألف منك.. فإن أضافه إلى جزء معيّن منها، فإن كان هذا الجزء المعيّن ثابتاً فيها وجزءاً لا يتجزّأ منها كرأسها، وبطنها... فكذلك الحكم، وإن كان غير ثابت كلعابها، وعرقها، وسائر فضلاتها لم تطلق، وهذا مذهب الجمهور.
وذهب الحنفيّة إلى أنّه إن طلّق جزءاً شائعاً منها طلقت، وإن طلّق جزءاً معيّناً، فإن كان ممّا يعبّر به عنها عادةً كالرّأس، والوجه، والرّقبة، والظّهر.. طلقت، وإن كان لا يعبّر به عنها عادةً كاليد والرّجل لم تطلق فإن تعارفه النّاس طلقت به أيضاً.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال