حكم البسملة في الصلاة.. يجوز قراءتها في صلاة النفل قبل الفاتحة والسورة في كل ركعة سرا أو جهرا. يسنّ قراءتها سرا للإمام والمنفرد في أول الفاتحة من كل ركعةٍ

اختلف الفقهاء في حكم قراءة البسملة بالنّسبة للإمام والمأموم والمنفرد، في ركعات الصّلاة، لاختلافهم في أنّها آية من الفاتحة ومن كلّ سورةٍ. وحاصل مذهب الحنفيّة في ذلك: أنّه يسنّ قراءة البسملة سرّاً للإمام والمنفرد في أوّل الفاتحة من كلّ ركعةٍ، ولا يسنّ قراءتها بين الفاتحة والسّورة مطلقاً عند أبي حنيفة وأبي يوسف، لأنّ البسملة ليست من الفاتحة، وذكرت في أوّلها للتّبرّك. قال المعلّى: إنّ هذا أقرب إلى الاحتياط لاختلاف العلماء والآثار في كونها آيةً من الفاتحة، وروى ابن أبي رجاءٍ عن محمّدٍ أنّه قال: يسنّ قراءة البسملة سرّاً بين السّورة والفاتحة في غير الصّلاة الجهريّة، لأنّ هذا أقرب إلى متابعة المصحف، وإذا كانت القراءة جهراً فلا يؤتى بالبسملة بين السّورة والفاتحة، لأنّه لو فعل لأخفى، فيكون ذلك سكتةً في وسط القراءة، وليس ذلك مأثوراً. وفي قولٍ آخر في المذهب: تجب بداية القراءة بالبسملة في الصّلاة، لأنّها آية من الفاتحة. وحكم المقتدي عند الحنفيّة أنّه لا يقرأ لحمل إمامه عنه، ولا تكره التّسمية اتّفاقاً بين الفاتحة والسّورة المقروءة سرّاً أو جهراً.
والمشهور عند المالكيّة: أنّ البسملة ليست من الفاتحة، فلا تقرأ في المكتوبة سرّاً أو جهراً من الإمام أو المأموم أو المنفرد، لما ورد عن أنسٍ أنّه قال: {صلّيت خلف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ وعمر وعثمان وعليٍّ، فكانوا يفتتحون القراءة بالحمد للّه ربّ العالمين، ولا يذكرون بسم اللّه الرّحمن الرّحيم في أوّل قراءةٍ ولا في آخرها}. ويكره قراءتها بفرضٍ قبل الفاتحة أو السّورة الّتي بعدها، وفي قولٍ عند المالكيّة: يجب، وهناك قول بالجواز. وفي روايةٍ في مذهب الإمام مالكٍ أنّه يجوز قراءة البسملة في صلاة النّفل قبل الفاتحة والسّورة في كلّ ركعةٍ سرّاً أو جهراً. وللخروج من الخلاف في حكم قراءة البسملة في الصّلاة، قال القرافيّ: الورع البسملة أوّل الفاتحة، وقال: محلّ كراهة الإتيان بالبسملة إذا لم يقصد الخروج من الخلاف الوارد في المذهب، فإن قصده فلا كراهة. والأظهر عند الشّافعيّة : أنّه يجب على الإمام والمأموم والمنفرد قراءة البسملة في كلّ ركعةٍ من ركعات الصّلاة في قيامها قبل فاتحة الكتاب ، سواء أكانت الصّلاة فرضاً أم نفلاً، سريّةً أو جهريّةً، لحديثٍ رواه أبو هريرة: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: {فاتحة الكتاب سبع آياتٍ ، إحداهنّ: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}  وللخبر: {لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب} ويدلّ على دخول المأمومين في العموم ما صحّ عن عبادة: {كنّا نخلف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر، فثقلت عليه القراءة، فلمّا فرغ قال: لعلّكم تقرءون خلف إمامكم، قلنا: نعم، قال: لا تفعلوا إلاّ بفاتحة الكتاب، فإنّه لا صلاة لمن لم يقرأ بها} وتقرأ البسملة عند ابتداء كلّ سورةٍ في ركعات الصّلاة، ويجهر بها في حالة الجهر بالفاتحة والسّورة، وكذا يسرّ بها معهما، على القول بأنّ البسملة آية من سائر السّور. وعلى الأصحّ عند الحنابلة: لا يجب قراءة البسملة مع الفاتحة ومع كلّ سورةٍ في ركعات الصّلاة، لأنّها ليست آيةً من الفاتحة ومن كلّ سورةٍ، لحديث {قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي نصفين ...} ولأنّ الصّحابة أثبتوها في المصاحف بخطّهم، ولم يثبتوا بين الدّفّتين سوى القرآن. وعلى الأصحّ: يسنّ قراءة البسملة مع فاتحة الكتاب في الرّكعتين الأوليين من كلّ صلاةٍ، ويستفتح بها السّورة بعد الفاتحة، ويسرّ بها، لما ورد أنّ {النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يسرّ ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم في الصّلاة}.
وعلى الرّواية الأخرى عن أحمد في قرآنيّة البسملة يجب على الإمام والمنفرد والمأموم قراءة البسملة مع الفاتحة في الصّلاة. هذا، وتقرأ البسملة بعد التّكبير والاستفتاح والتّعوّذ في الرّكعة الأولى، أمّا فيما بعدها فإنّه يقرؤها بعد تكبير القيام إلى تلك الرّكعة، وتقرأ البسملة في حال القيام، إلاّ إذا صلّى قاعداً لعذرٍ ، فيقرؤها قاعداً.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال