التدارك في الطّواف.. إن ترك ثلاث طوفات من طواف الزيارة أو أقل صح طوافه لفرضه، وعليه دم لما نقص من الواجب

إن ترك جزءاً من الطّواف المشروع، كما لو طاف داخل الحِجْر بعض طوافه، لم يصحّ حتّى يأتي بما تركه، قال الحنابلة وبعض الشّافعيّة: في وقت قريب، لاشتراط الموالاة بين الطّوافات.
ولم يشترط البعض الموالاة، وممّن قال ذلك: سائر الشّافعيّة، بل هو عندهم مستحبّ. ونصّ الشّافعيّة على أنّه إن شكّ في شيء من شروط حجّه يجب التّدارك ما لم يتحلّل، ولا يؤثّر الشّكّ بعد الفراغ.
وعند الحنفيّة غير ابن الهمام: الفرض في الطّواف أكثره - وهو أربع طوفات - وما زاد واجب، أمّا عند ابن الهمام فالسّبع كلّها فرض، كقول جمهور الفقهاء. وعلى قول جمهور الحنفيّة إن ترك ثلاث طوفات من طواف الزّيارة أو أقلّ صحّ طوافه لفرضه، وعليه دم لما نقص من الواجب. لكن إن تدارك فطاف الأشواط الباقية صحّ وسقط عنه الدّم ، ولو كان طوافه بعد فترة، بشرط أن يكون إيقاع الطّوفات المتمّمة قبل آخر أيّام التّشريق.
وإن ترك الحاجّ طواف القدوم، أو تبيّن أنّه طاف للقدوم على غير طهارة، فلا يلزمه التّدارك عند الجمهور، لأنّه مستحبّ غير واجب بالنّسبة للمفرد، قال الشّافعيّة: وفي فواته بالتّأخير - أي عن قدوم مكّة - وجهان، أصحّهما: لا يفوت إلاّ بالوقوف بعرفة، وإذا فات فلا يقضى. على أنّه ينبغي ملاحظة أنّ من ترك طواف القدوم، أو طافه ولم يصحّ له، كأن طافه محدثاً ولم يتداركه، فعليه إعادة السّعي عند كلّ من شرط لصحّة السّعي أن يتقدّمه الطّواف، وقد صرّح بذلك المالكيّة.
وقال الحنفيّة: إن طاف للقدوم، أو تطوّعاً على غير طهارة، فعليه دم إن كان جنباً، لوجوب الطّواف بالشّروع فيه، وإن كان محدثاً  فعليه صدقة لا غير. ويمكنه التّدارك بإعادة الطّواف ، فيسقط عنه الدّم أو الصّدقة. والحكم عند الحنفيّة كذلك في طواف الوداع . أمّا الرّمل والاضطباع في الطّواف فهما سنّتان في حقّ الرّجال ، في الأشواط الثّلاثة الأولى من طواف القدوم خاصّةً، فلو تركهما فلا شيء عليه، ولا يشرع له تداركهما، ومثلهما ترك الرّمل بين الميلين (الأخضرين) في السّعي بين الصّفا والمروة. وهذا مذهب الحنابلة، وهو الأصحّ أو الأظهر عند الشّافعيّة، وهو ظاهر كلام الحنفيّة، قال ابن الهمام: إن ترك الرّمل في أشواط الطّواف الأولى لا يرمل بعد ذلك. وقال المالكيّة ، وهو قول خلاف الأظهر عند الشّافعيّة، وقول القاضي من الحنابلة: أنّه يقضي الاضطباع في طواف الإفاضة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال