مذهب الجبر المذهب الموضوعي (النظرية الواقعية):
يقوم هذا المذهب على أساس إنكار حرية الاختيار ـ بوصفها أساسا للمسؤولية الجزائية ـ والحقيقة في رأيهم أن السلوك الإجرامي شأنه شأن كافة الظواهر الطبيعية والاجتماعية لا يقع مصادفة ولا اعتباطا وإنما هو خاضع لقانون السببية، فالسلوك الإنساني في جملته هو ثمرة حتمية للتفاعل بين شخصية ذات تكوين معين وظروف بيئية خاصة.
فالجاني لم يسلك سبيل الإجرام باختياره بل نتيجة تظافر عوامل متعددة بعضها داخلي كامن في ذاته يرجع إلى صفات شخصية سواء كانت موروثة أم مكتسبة والأخرى خارجية تعود إلى الظروف الاجتماعية التي تحيط بتصرفاته وتملي عليه اتجاها دون آخر، فليست الجريمة إذن وليدة إرادة الإنسان الحرة ولكنها ثمرة هذه العوامل ذات الأثر الحتمي.
ويؤدي إنكار حرية الاختيار إلى إقامة المسؤولية الجزائية على أساس اجتماعي واعتبارها صورة من صور المسئولية الاجتماعية، فأساس المسؤولية دفاع المجتمع عن نفسه فالمجرم أصبح مصدر خطر يهدد المجتمع فيحق للمجتمع أن يتخذ من التدابير ما يكفل وقايته من هذا الخطر.
ويترتب على ذلك أن انعدام حرية الاختيار لا يؤدي إلى انعدام المسؤولية الجزائية، أي أن موانع المسؤولية لا وجود لها وإذا ارتكب الجريمة مجنون أو صغير فهو مسؤول تجاه المجتمع ولكن نوع التدبير يختلف بين العاقل والمجنون أو عديم التمييز.
وهذا المذهب هو الآخر لم ينج من النقد حيث أنه يغفل شعور الناس بضرورة إقامة العدل ومحاسبة الجاني على ما جناه ويهتم فقط بإجراءات الوقاية التي تحمي المجتمع في المستقبل فقط.
كما يؤخذ عليه التطرف في الرأي والمغالاة في الحكم حيث ليس من الصواب القول بخضوع الإنسان في صورة سلبية خالصة لقوانين السببية الحتمية، فالمساواة بين الإنسان وسائر الموجودات على هذا النحو تكذبها الفروق الواضحة بينهما واخصها أن الإنسان كائن واع يستطيع العلم بما يحيط به كما يستطيع تحديد غاياته التي يسعى إلى تحقيقها بأفعاله.
التسميات
جريمة مرورية