حكم استعمال التأريخ غير الهجري في المعاملات.. المتعاقدان إذا استعملا التأريخ غير الهجري في المعاملات تنتفي الجهالة ويصح العقد

ذهب الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة، وهو الصّحيح عند الحنابلة إلى أنّ المتعاقدين إذا استعملا التّأريخ غير الهجريّ في المعاملات تنتفي الجهالة ويصحّ العقد، إذا كان ذلك التّأريخ معلوماً عند المسلمين، كأن يؤرّخ بشهر من أشهر الرّوم، ككانون، وشباط، لأنّ تلك الشّهور معلومة مضبوطة، أو يؤرّخ بفطر النّصارى بعدما شرعوا في صومهم، لأنّ ذلك يكون معلوماً.

أمّا إذا أرّخ بتأريخ قد لا يعرفه المسلمون، مثل أن يؤرّخ بعيد من أعياد الكفّار، كالنّيروز والمهرجان، وفصح النّصارى، وصومهم الميلاد، وفطر اليهود، والشّعانين.

فقد ذكر الحنفيّة في البيع إلى تلك الأوقات: أنّه يصحّ إذا علم المتعاقدان ذلك، ولا يصحّ مع جهلهما ومعرفة غيرهما به، لأنّه يفضي إلى المنازعة.
وصحّح  المالكيّة ذلك، لأنّ تلك الأيّام إن كانت معلومةً فإنّها تكون كالمنصوصة.

وذكر الشّافعيّة كما جاء في الرّوضة أنّ التّأقيت بالنّيروز والمهرجان مجزئ على الصّحيح، وفي وجه: لا يصحّ لعدم انضباط وقتهما.

أمّا التّأريخ بفصح النّصارى فقد نصّ الشّافعيّ على أنّه لا يصحّ ، وتمسّك بظاهره بعض الأصحاب من الشّافعيّة اجتناباً لمواقيت الكفّار، وقال جمهور الأصحاب من الشّافعيّة: إن اختصّ بمعرفته الكفّار لم يصحّ، لأنّه لا اعتماد على قولهم، وإن عرفه المسلمون جاز كالنّيروز.

ثمّ اعتبر جماعة فيهما معرفة المتعاقدين، وقال أكثر الأصحاب: يكفي معرفة النّاس، وسواء اعتبرنا معرفتهما أم لا، فلو عرفا كفى على الصّحيح، وفي وجه يشترط معرفة عدلين من المسلمين سواهما، لأنّهما قد يختلفان فلا بدّ من مرجّح، وفي معنى الفصح سائر أعياد أهل الملل كفطر اليهود ونحوه .

وأمّا الحنابلة فإنّهم لم يفرّقوا بين التّأريخ بغير الشّهور الهلاليّة، كالشّهور الرّوميّة، وأعياد الكفّار، فإنّ ذلك عندهم يصحّ على الصّحيح من المذهب إذا عرف المسلمون ذلك.

وقد اختار هذا القول جماعة منهم القاضي، وقدّمه صاحب الكافي والرّعايتين والحاويين والفروع وغيرهم. وقيل: لا يصحّ كالشّعانين وعيد الفطير ونحوهما ممّا يجهله المسلمون غالباً، وهو ظاهر كلام الخرقيّ وابن أبي موسى وابن عبدوس في تذكرته، حيث قالوا بالأهلّة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال