حرية الاختيار لثبوت المسؤولية الجزائية.. قدرة الإنسان على المفاضلة بين البواعث التي تدفعه إلى الجريمة وتلك التي تمنعه عنها وان يسلك وفقا لاختياره إحداها

يقصد بحرية الاختيار قدرة الإنسان على تحديد الوجهة التي تتخذها إرادته، ويكون ذلك فيما إذا كان بمقدوره دفع إرادته في وجهة يعنيها من الوجهات المختلفة التي يمكن أن تتخذها.
وبعبارة اخرى تعني حرية الاختيار قدرة الإنسان على المفاضلة بين البواعث التي تدفعه إلى الجريمة وتلك التي تمنعه عنها وان يسلك وفقا لاختياره إحداها، أي أنها قدرة الشخص على تكييف فعله وفقا لمقتضيات القانون. ومن ثم يمكن القول بأن المسؤولية الجزائية يجب لقيامها وجود عمل إرادي ، فممارسة الإرادة ضرورة للمسؤولية الجزائية.
ومما ينبغي ذكره أن المشرع لم يضع معيارا خاصا بحرية الاختيار، وإنما افترض تمتع الإنسان العاقل بها وقصر النص على الحالات التي تؤدي إلى فقده، أما إذا وقف الأمر عند حد الانتقاص من تلك الحرية فالفاعل يسأل مسؤولية مخففة.
إن حرية الاختيار تنتفي بنوعين من الأسباب، أسباب خارجية كالإكراه أو حالة الضرورة، وأسباب داخلية كالعوارض التي تصيب الحالة العقلية أو النفسية للإنسان، فمتى ما انعدمت حرية الاختيار لدى الإنسان، فإنه لا يكون مسؤولا جزائيا عن الجريمة التي وقعت. لذلك عد المشرع العراقي غياب حرية الاختيار مانع من موانع المسؤولية الجزائية في المادة (60) من قانون العقوبات والتي نصت على أنه (لا يسأل جزائيا من كان وقت ارتكاب الجريمة فاقد الإدراك أو الإرادة لجنون أو عاهة في العقل أو بسبب كونه في حالة سكر أو تخدير نتجت من مواد مسكرة أو مخدرة أعطيت له قسرا أو على غير علم منه بها، أو لأي سبب يقرر العلم أنه يفقد الإدراك أو الإرادة، أما إذا لم يترتب على العاهة في العقل أو المادة المسكرة أو المخدرة أو غيرها سوى نقص أو ضعف في الإدراك أو الإرادة وقت ارتكاب الجريمة عد ذلك عذرا مخففا).
   ويتضح من خلال كل ما تقدم أنه يشترط لتحقق المسؤولية الجزائية توافر شرطين هما : الإدراك وحرية الاختيار، فغياب كليهما أو أحدهما يرفع المسؤولية الجزائية ويمنعها . ولذلك سمي ما يؤثر فيهما أو في أحدهما بموانع المسؤولية الجزائية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال