الأصل المبادرة إلى قضاء ما فات من صيام رمضان، ويجوز تأخير القضاء ما لم يتضيّق الوقت، بألاّ يبقى بينه وبين رمضان القادم إلاّ ما يسع أداء ما عليه.
فيتعيّن ذلك الوقت للقضاء عند الجمهور. فإن لم يقض فيه فقد نصّ الشّافعيّة والحنابلة على تأثيمه بالتّأخير إذا فات وقت القضاء من غير عذر، لقول عائشة رضي الله عنها: كان يكون عليّ الصّوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلاّ في شعبان لمكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم» قالوا: ولو أمكنها لأخّرته، ولأنّ الصّوم عبادة متكرّرة، فلم يجز تأخير الأولى عن الثّانية كالصّلوات المفروضة.
وذهب الحنفيّة إلى أنّه يجوز تأخير القضاء مطلقاً ولا إثم عليه، وإن هلّ عليه رمضان آخر. لكنّ المستحبّ عندهم المتابعة مسارعةً إلى إسقاط الواجب.
هذا، وإذا أخّر القضاء حتّى دخل رمضان آخر، فقد ذهب الجمهور إلى أنّه إن كان مفرّطاً فإنّ عليه القضاء مع الفدية، وهي إطعام مسكين عن كلّ يوم، لما روي «أنّه صلى الله عليه وسلم قال في رجل مرض في رمضان فأفطر، ثمّ صحّ فلم يصم حتّى أدركه رمضان آخر: يصوم الّذي أدركه ثمّ يصوم الّذي أفطر فيه ، ويطعم عن كلّ يوم مسكيناً».
ولما روي عن ابن عمر وابن عبّاس وأبي هريرة أنّهم قالوا: أطعم عن كلّ يوم مسكيناً، ولم يرد خلاف في ذلك عن غيرهم من الصّحابة.
ثمّ الأصحّ عند الشّافعيّة أنّ الفدية تتكرّر بتكرّر السّنين، لأنّ الحقوق الماليّة لا تتداخل، ومقابل الأصحّ: لا تتكرّر كالحدود. ومحلّ الخلاف إذا لم يكن أخرج الفدية، فإن أخرجها ثمّ لم يقض حتّى دخل رمضان آخر وجبت ثانياً.
وذهب الحنفيّة إلى أنّ من أخّر قضاء رمضان حتّى هلّ عليه رمضان آخر، فإنّ عليه القضاء ولا فدية، واستدلّوا بإطلاق قوله تعالى: {فعِدَّةٌ من أيّامٍ أُخَر} من غير قيد.
وقالوا: إنّ إطلاق الآية يدلّ على وجوب القضاء على التّراخي، فلا يلزمه بالتّأخير شيء، غير أنّه تارك للأولى من المسارعة.
التسميات
فقه