تاريخ كندا.. اكتشفها بحارة الفايكنج من جريينلاند وآيسلاند واحتلها الفرنسيون أول الأوروبيين القادمين إلى كندا ثم البريطانيون

على فقر تاريخ كندا بالنسبة للبشرية إلا أنه غني بالتشويق. فحين اكتشف كريستوفر كولومبوس القارة الأمريكية سنة 1492 م ظانا ً أنه وصل إلى السواحل الجنوبية للصين والتي كانت تدعى الهند في ذلك الوقت (The Indies)، أطلق على السكان الأصليين لهذه الأرض اسم الهنود.

والحقيقة أنه بدون أن يدري لم يخطئ في ذلك لأن هؤلاء الناس قد انحدروا من قبائل قدمت من الهند في العصر الجليدي قبل 15000 عام واستقروا في كهوف إقليم يوكون،  طبعا هي رمية من غير رامٍ.

اعتمد السكان الأصليون في حياتهم على صيد الحيوانات والأسماك، ولكنهم حين استوطنوا في المناطق الجنوبية من كندا مثل أونتاريو ونوفاسكوتشيا امتهنوا الزراعة بشكل أساسي.

وعلى طول إقامتهم في الأراضي الكندية كوّنوا عدة قبائل وفروع حتى أصبح لهم ما يقارب 53 لغة مختلفة يتحدثون بها، ولكن اليوم بعد المدنية لا يتحدث بلغاتهم الأصلية إلا  50% منهم.

وقد ساهم المستكشفون الأوروبيون عمدا ً أو خطأ في إبادة السكان الأصليين، فقبائل الساحل الشرقي كان بعضها يتحالف مع الإنجليز لمحاربة الفرنسيين وبعضها الآخر مع الفرنسيين لمحاربة الإنجلية، فأصبحوا يبيدون بعضهم بعضاً.

أما قبائل الساحل الغربي فكانوا أوفر حظا ًحيث أن عزلتهم كفتهم شر مطامع الأوروبيين فسلموا منهم.

وبشكل إجمالي قلص التواجد الأوروبي عدد السكان الأصليين من 350000 إلى 100000 إلا أنه بعد ذلك تمت اتفاقيات بين الحكومة الكندية والسكان الأصليين على إبقاء محميات لهم ترعاها الشرطة الفيدرالية الكندية RCMP.

ولم تحدث إبادات استدعت تصادماً حضارياً كالذي حصل في الولايات المتحدة.
كان أول من استكشف كندا هم بحارة الفايكنج القادمون من جريينلاند وآيسلاند، وتقول الشواهد التاريخية أنهم استقروا في الساحل الشرقي في نيوفاوندلاند قبل الميلاد بألف عام. إلا أنه لا يعرف ماذا حصل لهم بعد ذلك أو كم مكثوا في كندا.

يعد الفرنسيون من أول الأوروبيين القادمين إلى كندا، فقد جاء جاكس كارتييه موفد الملك فرانسيس الأول عام 1534 م إلى الساحل الشرقي وأعلن تبعية هذه الأراضي لفرنسا، ويبدو من مذكراته أن اسم كندا يرجع إلى كلمة Kanata التي تعلمها من السكان الأصليين وتعني قرية أو مجتمع صغير.

وسيطر الفرنسيون منذ تلك الفترة وحتى 1730 م فأنشأوا حصوناً امتدت في مقاطعات كويبك وأونتاريو ومانيتوبا وساسكاتشوان.

بالطبع لم يقف البريطانيون مكتوفي الأيدي حيال هذ ا الامتداد الفرنسي في المنطقة ففي حوالي 1670م.

قدمت شركة هادسون بي (Hudson's Bay Company) من بريطانيا واستقرت في شمال أونتارو، وما زالت هذه الشركة من أكبر الشركات في كندا إلى يومنا هذا. واشتد النزوح البريطاني إلى كندا بعد عام 1713 م.

خصوصاً في نوفاسكوتشيا ونيوفاوندلاند، ولكن المناوشات العسكرية لم تحصل إلا بعد تأسيس الجيش البريطاني سنة1745 م في نيوإنجلاند في الولايات المتحدة، الذي توجه لغزو الفرنسيين في شمال نوفاسكوتشيا.
بدأت الحرب التي عرفت بحرب السنوات السبع سنة 1756 م.

واستمرت الحرب الطاحنة بين الطرفين وقتل فيها قائدا الجيشين، وراح ضحيتها الكثير من السكان الأصليين الذين تحزبوا مع أحد الطرفين.  وفي عام 1763 م. تم اتفاق باريس الشهير حيث سلم الفرنسيون كندا للبريطانيين.

إلا أن البريطانيين لم يحسنوا إدارة المناطق الفرنسية ولا التعامل مع الكنديين الفرنسيين، لذا أعطوهم أمر إدارة أنفسهم عام 1774 م وكانت هذه بذرة حركات الاستقلال في كويبك.

إلا أنه أثناء الثورات الأمريكية للاستقلال من الاحتلال البريطاني بين 1783-1775 م نزح الكثير من البريطانيين ليستقروا في كندا وهكذا عادلوا التركيبة السكانية ولم تعد الأغلبية من الفرنسيين.

بعد ذلك بدأ البريطانيون باستكشاف الجهة الغربية من كندا حتى وصلوا إلى المحيط الهادي وأسسوا مقاطعة بريتش كولومبيا.
وتوالت المعارك بين كندا وأمريكا عام 1812م.

إثر المحاولات الأمريكية للسيطرة على الأراضي الجنوبية لكندا بحجة القضاء على البريطانيين، إلا أنها باءت بالفشل وأعلنت أمريكا انسحابها التام عام 1814م.

اكتسب الكنديون الثقة بأنفسهم بعد الهزيمة الأمريكية، وهذا ما شجعهم على الاستقلال عن الهيمنة البريطانية ومحاولة تكوين سلطة موحدة، ولكن الازدواجية الثقافية للسكان جعلت الأمر صعباً في البداية.

وقد تنبهت بريطانيا لهذا ولم تكن تريد أن تضيع كندا من يدها كما ضاعت أمريكا، لذا أصدرت قانون إنشاء الاتحاد الكندي عام 1867م وشمل مقاطعات أونتاريو وكويبك ونوفاسكوتشيا ونيو برانزويك وأصبح هذا القانون بمثابة الدستور في كندا.

وانتخب جون أليكساندر ماكدونالد أول رئيس وزراء كندي وكان عدد السكان وقتها 3.5 مليون نسمة. وفي نهاية عام 1912 م. شمل الاتحاد الكندي جميع المقاطعات إلا نيوفاوندلاند التي لم تنضم إلا عام 1949م.

وقد بلغت المشاكل الداخلية بين الكنديين (الفرنسيين والبريطانيين)  ذروتها إبان الحرب العالمية الأولى حيث تحالفت كندا مع برطانيا على الرغم من معارضة كويبك لهذا الأمر.

بعد الحرب العالمية الأولى بدأت كندا تنمو شيئا فشيئا، حتى عدت رسمياً من دول الكومنويلث سنة 1931م.

وقد تحالفت في الحرب العالمية الثانية أيضا مع بريطانيا كما عقدت اتفاقية أمنية مع جارتها الجنوبية (الولايات المتحدة)، إذ أعلنت كندا الحرب على اليابان بعد قصف بيرل هاربر.

شهدت البلاد بعد الحرب حركات هجرة جماعية من أوروبا، حيث شهدت فترة ما بعد الحرب عصر انتعاش اقتصادي خصوصا ً في خمسينيات القرن الماضي .وازدادت أيضا الحركات المطالبة باستقلال كويبك خصوصا بعد 1960م.

وقد استخدم العنف أحيانا في هذه الحركات.
وفي عام 1976 م. انتخب أحد أبناء كويبك المطالبين بالاستقلال رئيسا للوزراء، فأجرى استفتاءً في كويبك للمطالبة بالاستقلال إلا أن نتائجه كانت مخيبة للآمال حيث أظهرت أن 51 % من أهالي كويبك لا يريدون الاستقلال عن الاتحاد الكندي.

عقدت كندا حاليا ًمع الولايات المتحدة والمكسيك اتفاقية التجارة الحرة في أمريكا الشمالية NAFTA وتعد كندا من دول حلف شمال الأطلسي NATO ومن الدول الصناعية السبع العظمى G-7 مع ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وإيطاليا. 

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال