هناك العديد من الدراسات والأبحاث التي عالجت وفسرت مظاهر الهجرة وأسبابها وصلت إلى حد النظريات.
فقد كانت المحاولات الأولى من قبل الإنجليزي رافنستين E.G. Ravenstein في القرن التاسع عشر والذي تطرق لهذا الموضوع حيث نشر مقالتين، الأولى في سنة 1881م والأخرى في سنة 1889م، والتي لخص بها التغيرات السكانية والاقتصادية وبالذات فيما يتعلق بعامل المسافة بين الموطن الأصلي والموطن الجديد، وذلك استنادا الى نتائج التعداد السكاني لسكان بريطانيا في تلك الفترة.
ولقد قام Everett S. Lee في مقال له بعنوان “A Theory of Migration” نشر في عام 1970م بتلخيص آراء رافنستين في عدة نقاط وسماها قوانين الهجرة، وهي:
1- إن حجم الهجرة داخل منطقة معينة يتباين مع درجة التنوع البيئي لهذه المنطقة.
وهذا يعني أنه كلما زادت الفوارق البيئية بين منطقتي الأصل والوصول أدى ذلك إلى إيجاد مستويات مرتفعة من الهجرة.
2- إن حجم الهجرة يختلف باختلاف السكان وتنوعهم، فكلما كان هناك تشابه كبير بين السكان، سواء في الأصول العرقية أو المستوى التعليمي أو الدخل أو التقاليد والعادات، يمكننا أن نتوقع معدلات هجرة منخفضة عما لو كان هناك تباين كبير بين السكان.
3- إن حجم الهجرة يختلف تبعا لسهولة أو صعوبة تخطي العوائق المختلفة التي تواجه المهاجر. وفي الغالب يكون هذا العامل خلف القرار الذي يتخذه الفرد في الهجرة من عدمها.
4- إن رغبة الناس في تحسين أوضاعهم الاقتصادية من بين الحوافز الكبيرة على الهجرة.
5- إن حجم الهجرة ومعدلاتها تميل إلى الزيادة مع مرور الزمن وخاصة إذا لم تفرض ضوابط صارمة للحد من هذه الهجرة.
6- إن الهجرة تؤدي إلى زيادة الهجرة.
أي أن الشخص الذي سبق له الهجرة يكون لديه استعداد للهجرة مرة أخرى إذا اقتضى الأمر ذلك، وفي نفس الوقت يكون هذا الشخص المهاجر دافعا لمن لم يسبق له الهجرة بمحاكاة هؤلاء الأشخاص المهاجرين وخاصة في حالة تحسن أوضاعهم.
7- إن الهجرة تميل للحدوث داخل تيارات محددة جدا، حيث نجد أن المهاجرين في الغالب يسلكون طرقا محددة بوضوح بين منطقتي الأصل والوصول، وغالبا ما يؤدي تغلب هؤلاء المهاجرين على هذه العوائق إلى تذليل صعاب الطريق أمام المهاجرين الجدد.
لعل هذه القوانين لا يمكن أن تنطبق على جميع الدول وذلك لاختلاف ظروف كل مجتمع عن الآخر، إضافة إلى أن ظروف المجتمع الإنجليزي في الفترة التي أخرج فيها رافنستين نظرياته كانت ظروفا شاذة في ذلك الوقت؛ حيث كان الريف الإنجليزي قد زحفت عليه مظاهر التحضر والتمدن بصورة سريعة نتيجة لظهور المراكز الصناعية الكثيرة في أرجاء الدولة بفضل الثورة الصناعية؛ مما كان له أكبر الأثر في جذب عدد كبير من الفلاحين القريبين من تلك المراكز والذين كانوا يعانون من هبوط حاد للأسعار في مناطقهم الزراعية.
كما عانوا من نزوح الأجانب نحو مناطقهم رغبة في شراء منتجاتهم، إضافة إلى أن المدن قد لا تكون صالحة دائما لاستقبال سكان جدد ففي أوقات الحروب والأزمات الاقتصادية قد تقذف بعدد كبير من سكانها إلى مناطق أخرى في البلاد وبالخصوص نحو المناطق الريفية.
التسميات
هجرة وانتقال سكاني