دراسة رواية البحث عن الزمن المفقود.. استعادة الماضي الجمعي الجميل لليهود عن سادوم وعامورة

إن رواية (البحث عن الزمن المفقود) تقول أشياء كثيرة ضمن العديد من الصفحات التي لا تتعدى أن تكون حوارات وأحاديث باهتة، وهذا الأمر معروف ومدرك في الروايات الكبيرة التي لا تسير وفقاً للتقاليد الأرسطية حيث تتناثر البقع الأرجوانية هنا وهناك كالجزر، ولكن لكل بقعة أرجوانية تأثيراً بالغاً لا ينفد إلاّ وقد وصل القارئ إلى بقعة أرجوانية أخرى، وهكذا تترادف هذه البقع لتشكّل الروح الضابطة لإيقاع العمل كله.

أما عنوان الرواية (البحث عن الزمن المفقود) الذي يتحدد ضمنه هدف الرواية فيذكر الأستاذ حسن أنّ ما قصده (بروست) من استعادة الماضي أو (الزمن المفقود) هو استعادة الماضي الجمعي الجميل لليهود وإلاّ لما تحدث (بروست) في الرواية عن (سادوم وعامورة).

ويكفي أن نعرف مدى اهتمام اليهود واحتفائهم بهذه الرواية في الوقت الذي كان ينبغي على الفرنسيين أن يقوموا بهذا الاحتفاء فنحكم على مدى تعاطف (بروست) مع اليهود واعتبارهم ضحايا الرأسمالية الأوربية.‏

وأياً كان الأمر فإننا في محاولاتنا هذه لا نريد إدانة عمل (مارسيل بروست) (البحث عن الزمن المفقود) كما لا نريد إدانته شخصياً لأنه أراد بعث تاريخ اليهود وإنما الغاية تتمثل في أن نقوم، نحن، بمراجعة هذه المؤلفات مراجعة ذاتية نابعة من قراءتنا وفهمنا ووعينا بعيداً عن تأثيرات الآخرين وأنفاسهم وأن نوقف ما يسمى (العقلية التآمرية) تجاه النصوص الغربية.

وأخيراً يدعونا إلى ألاّ نظل على دين نقاد الغرب نؤيد ما يؤيدون ونحن نجهل ما بحثوا فيه وما أرادوه من غايات، وأن نذمّ ما ذمّوه ونحن لا نعرف دواخله أو أسراره‏.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال