المدينة كمصطلح عمراني.. أثر تفاعل الوسط البيئي الذي يعيش فيه الإنسان يؤثر ويتأثر به

اختلف العلماء في تعريف المدينة وتعددت معايير تحديدها؛ بين المعيار الإداري، والاقتصادي، والوظيفي.

كما اتخذ بعض المعماريين من نمط النسيج العمراني والمظهر الخارجي للتكلفة العمرانية تعريفاً للمدينة.

ولكن إذا أخذنا كل معيار بصورة منفردة فإنه لا يصدق على المدينة وغيرها من مراكز العمران البشري في منطقة جغرافية وأخرى.

ويحدد عالما الاجتماع سوركن وزيمرمان (Sorkain & Zimmerman) ثمانية عوامل تحدد مفهوم المدينة وهي الحرفة، والبيئة، والحجم والكثافة وتباين السكان، والطبقة الاجتماعية والحراك الاجتماعي وعملية التفاعل الاجتماعي.

ويضيف العالم هيوسر (Hauser) في هذا الشأن عامل التقدم والتطور التقني والسيطرة على البيئة وتطور المؤسسات الاجتماعية المختلفة.

وإن اجتماع الناس يعتبر من ضرورات الحياة حيث ينظمون شؤون حياتهم.
وكلما تكاثر أفراد المجتمع كان ذلك أدعى إلى تكامل مصالحهم.

وظاهرة الإجماع الإنساني بهذا المفهوم في رأي العلماء مصطلحاً مرادفاً لمصطلح المدينة التي لا تقوم إلا بالعمران الذي يتحقق باجتماع الناس.

وبما أن فطرة ألإنسان قد وجهته إلى العيش في جماعة فقد ألزمته الضرورة لتنظيم حياته وفقا لمتطلباته، فظهرت المدينة التي عاصرت المجتمع خلال مراحل تطوره وحفظت تراثه وتاريخه وعبرت عن اتجاهاته بمختلف أشكالها، فأشارت إلى أسلوب هندسة المباني وتخطيطها وعكست ملامح من علاقة الفرد بمجتمعه، وعبرت عن ثقافته عبر العصور.

وإذا كانت المدينة قد عكست ماضي حضارة الإنسان، فما مدى الدور الذي قامت به المدن الحالية وما أثرها في ثقافة التواصل.

ولقد بين العلم الحديث أهمية الارتباط الوثيق بين التكوين العضوي لطبيعة البيئة عامة والمشيدة على وجه الخصوص في التأثير على السلوك الإنساني. واتخذها علم النفس البيئي موضوعاً أساسياً لدراسته.

إن المدينة ظاهرة اجتماعية من ظواهر الحضارة الإنسانية نتجت من أثر تفاعل الوسط البيئي الذي يعيش فيه الإنسان يؤثر ويتأثر به، وإن إشباع حاجاته الأساسية والثانوية تمثل أهدافاً أساسية لإنشائها.

وكما تتصل بهذه الحاجات أنشطة مختلفة تتكامل وتتفاعل فيما بينها لتحقق للإنسان الكفاية والرفاهية، لأن اختلاف موجهات وأهداف ووظائف وأنماط الاستخدام العمراني النابع من قيم المجتمع وعوامل ضبطه الاجتماعي وطبيعة مظاهر البيئة المحيطة به لا شك يؤدي إلى اختلال الموازين الاجتماعية وقيم التواصل والتكافل.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال