العوامل الاقتصـادية المؤثرة في النظام التعليمي في اندونيسيا.. تفكيك الاحتكارات الانتاجية التابعة للدولة والغاء القيود المفروضة على التجارة الخارجية

بينما كان المراقبون ينظرون بإعجاب إلى إندونيسيا، بسبب إدارتها السليمة للمشروعات الاقتصادية الضخمة، وما تحققه من معدلاتٍ مذهلة في النمو الاقتصادي، كشفت الأزمة المالية، التي هزت جنوب شرقي آسيا، في 1997/1998، عن الأُسس الهزيلة، التي بُني عليها الاقتصاد الإندونيسي، المتمثلة في: قطاع مصرفي ضعيف، وديون خارجية، على القطاع الخاص، لا يمكن الوفاء بها، وممارساتٍ غير تنافسية، حيث حقق الاقتصاد الإندونيسي نموا خلال السنوات العشر السابقة للازمة الاسيوية (1997 – 1998) بمعدل 8 %

ولكن منذ النصف الثاني لعام 1998 انهار سعر الروبية الإندونيسية والأسواق المالية، وتراجع النمو الاقتصادي إلى الصفر.

ففي الوقت الذي لقيت فيه اندونيسيا الاشادة بسبب الادارة الجيدة لاقتصادياتها الكلية ومعدل النمو المرتفع، فإن الأزمة المالية الآسيوية كشفت عن المثالب والثقوب في ثوبها الاقتصادي ومنها قطاع البنوك الضعيف والديون الخارجية المرتفعة المستحقة على القطاع الخاص والممارسات غير التنافسية.

وقد كان للأزمة الاقتصادية التي ضربت الاقتصاد الاندونيسي آثارها الخطيرة على الأوضاع في هذا البلد، فقد أدت الى تهاوي البناء الاقتصادي الاندونيسي والى الكشف عن الثغرات الخطيرة سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي.

وقد فاقم من حدة هذه الآثار أن التدخل السريع لمؤسسات التمويل الدولية لإنقاذ الاقتصاد الاندونيسي قد ارتبط بالتزام الحكومة الاندونيسية بــ:
1- تفكيك الاحتكارات الإنتاجية التابعة للدولة
2- إلغاء القيود المفروضة على التجارة الخارجية.

بالإضافة إلى التزامها بتطبيق مجموعة من السياسات التقشفية أهمها:
1- تخفيض قيمة العملة الوطنية.
2- تجميد الاستثمارات الحكومية في البنية الأساسية.
3- ضغط الانفاق العام الاجتماعي في الموازنة الحكومية.
4- رفع الدعم عن السلع الأولية وغيرها من السلع التي كانت تقوم الحكومة بدعمها.

وقد أدى هذا إلى زيادة معدلات البطالة والتضخم وزيادة الأعباء المعيشية على كاهل قطاعات كبيرة من الشعب الاندونيسي، الأمر الذي جعل ثلثي هذا الشعب يعيشون تحت خط الفقر منذ عام 1998.

ولقد أدت هذه الأوضاع الى تفجر المظاهرات والاضطرابات وأعمال العنف في جميع أنحاء البلاد حيث طالب المتظاهرون بإسقاط الرئيس سوهارتو وتقديمه واسرته الى المحاكمة بتهمة الفساد، وبالفعل تمت تنحية سوهارتو بعد ثلاثين عاما من الحكم وتولى نائبه يوسف حبيبي الحكم.

حيث أن النمو الاقتصادي الذي حققته إندونيسيا لم يحقق توزيعا عادلا للثروة، فمتوسط الدخل الفردي المعلن1300 دولار لا يعبر عن حقيقة دخل أكثر من80% من السكان الذين لا يزيد دخلهم عن 350$.

وقد جعل ذلك حراك الأزمة والعنف يستهدف السكان من أصل صيني، أو يعبر عن سخط أبناء الأقاليم الغنية بمواردها ولكن أهلها محرومون، كما نشأت حركات سياسية إقليمية تدعو إلى الفيدرالية بدلا من المركزية وتوزيع ثروات الدولة ومواردها بعدالة.

واضطرت الحكومة الإندونيسية بسبب الأزمة المالية إلى توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض قيمته
43  بليون دولار، وهي أزمة يعيدها باحثون وسياسيون (مثل محاضر محمد رئيس الوزراء الماليزي) إلى التدخلات الأجنبية وبخاصة الأميركية.

وقد توقفت بسبب هذه الأزمة مشروعات كبرى كبناء الطائرات والتصنيع الحربي.
ولا تزال إندونيسيا تواجه مشكلات اقتصادية قاسية، بسبب صراعات مع الحركات الانفصالية، وتدني مستوى الأمن في الأقاليم الإندونيسية، وتفشي الفساد، وضعف النظام المصرفي، وتوتر علاقاتها مع صندوق النقد الدولي.

وفي ظل هذه الظروف، من المتوقع استمرار تدني الثقة لدى المستثمر، وعدم إيجاد فرص عمل جديدة.

كما يتوقع عدم استمرار معدل النمو الذي تحقق عام 2000، والذي بلغ 4.8%، نظرا لأنه قائم على عوامل قصيرة المدى، مثل: ارتفاع أسعار النفط على المستوى العالمي، وازدياد الصادرات غير النفطية، وانخفاض الطلب المحلي على السلع الاستهلاكية الأجنبية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال