توسيع مدينة الفسطاط.. في نهاية العصر الفاطمي أمر شاور بإحراق الفسطاط حتى لاتقع في يد عموري ملك بيت المقدس الصليبي

عندما سيطر صالح بن علي العباسي على الفسطاط شرع خليفته الأمير أبو عون في بناء عاصمة جديدة شمال الفسطاط سنة 35هـ/752م أطلق عليها العسكر وكانت خاصة بالجند لمنع اختلاطهم بالأهالي وفي سنة 168هـ بني الفضل بن صالح مسجد للمدينة ولكنه اندثر وفي سنة 200هـ سمح للناس بالبناء حول العسكر مما أدى إلى اتصال العسكر بالفسطاط.

وجدير بالذكر أن هذه المدينة صار يطلق عليها اسم مصر وقد ظهر ذلك على العملات وقطعة من الزجاج.

وظلت العسكر عاصمة لمصر حتى عام 256هـ/870م عندما أسس أحمد بن طولون مدينة القطائع عاصمة له ومقرا للجيش والإدارة.

وكانت القطائع تقع إلى الشمال الشرقي من العسكر يحدها شمالا جبل يشكر وسفح جبل المقطم ومن الجنوب الشرقي يحدها مشهد الرأس الذي عرف فيما بعد باسم مشهد زين العابدين ومن ناحية الجنوب الغربي حي طولون ومن ناحية الشمال الغربي شارع الصليبية أو نهاية حد جبل يشكر.

وكانت مساحة القطائع تقرب من كيلو متر ونصف تقريبا يخترقها شارع الأعظم وهو الشارع الرئيسي وقد أطلق عليها القطائع نسبة إلى إقطاعات احمد بن طولون لامرائه ورؤساء الفرق ليبنوا عليها بيوتهم حول قصره وظل عمران المدينة يزداد حتى اتصلت بالعسكر والفسطاط.

ومثلما لم يبق من فسطاط عمرو غير جامعة كذلك لم يبق من قطائع ابن طولون إلا جامعه كذلك  الذي ظل تقريبا بحالته الأصلية إلا المئذنة التي جددت سنة 690هـ زمن السلطان لاجين ونتيجة لبعد القطائع عن النيل شاد احمد بن طولون قناطر للمياه لا تزال بعض عقودها قائمة.

وازدادت القطائع عمارة زمن خمارويه بن احمد بن طولون الذي كان محبا "للترف والبذخ والفنون غير أن الطولونين لم يعمروا طويلا" حيث اقتحمت جيوش العباسيين بقيادة محمد ابن سليمان الكاتب القطائع وخربتها عن آخرها ولم ينج من ذلك سوى الجامع واستقر محمد ابن سليمان في الفسطاط وتبعه من جاء بعده من ولاة العباسين والإخشيديين.

وبعد استيلاء الفاطميين على مصر 258هـ/ 969م أسسوا القاهرة شمال شرق الفسطاط وحصنوها بالأسوار وحرموا سكناها علي سائر الشعب ولذلك لم يؤثر تأسيس القاهرة علي عمران الفسطاط بل ساهم في ازدهارها حيث ظلت مدينة الشعب ومقر الصناعات والمهن والتجارة.

وفي عهد المنتصر الفاطمي نكبت الفسطاط  بمجاعة استمرت من سنة 457هــ/ 1065م إلى سنة 464هــ/ 1072م وبلغت ذروتها سنة 462هــ/ 1070م وانتشر الوباء واختل الآمن وثارت الفتن الآمر الذي جعل المنتصر يستعين بأمير الجيوش بدر الجمالي فقدم من عكا وحكم مصر باسم الخليفة واهتم بالقاهرة على حساب الفسطاط بل إنه أباح استخدام مباني الفسطاط الخالية في بناء مباني في القاهرة كما نتج عنه خراب العسكر والقطائع  وجزء كبير من الفسطاط واصبح ما بين القاهرة ومصر خاليا من السكان ولم يبقي إلا بعض البساتين.

وفي نهاية العصر الفاطمي سنة 565هــ/ 1269م أمر شاور بإحراق الفسطاط حتى لاتقع في يد عموري ملك بيت المقدس الصليبي وظلت النيران مشتعلة بها لمدة 54 يوما تحولت الفسطاط بعدها إلى أطلال وكيمان وعندما تولي صلاح الدين حكم مصر بدء في بناء سور يضم القاهرة والفسطاط وصار يطلق عليهما معا اسم القاهرة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال