العلاقات الحجازية العسيرية.. تخوف الشريف حسين من الإمارة الادريسية ومساندة الدولة العثمانية ومحاصرة أبها لإخضاعها لسيادة الأتراك

كان الحسين ينظر الى السيد محمد بن علي الادريسي  بداية ظهوره نظرة تجاهل واستخفاف وان امره سينتهي سريعا.

ولما كان للحسين بعض النفوذ الاسمي على بعض قبائل المنطقة فمن الطبيعي ان يبدي عدم ارتياحه وريبته من الادريسي بعد ان تزايدت اهميته وسمعته، وما التف حوله من القبائل التي تأثرت بشخصيته القوية.

فأخذ الشريف حينها يظهر مخاوفه من الإمارة الادريسية الجديدة وما قد تشكله من خطر على حدوده الجنوبية  فاستغل الدعوة التي وجهتها الدولة العثمانية له للاسهام مع قواتها ضد الادريسي الذي زاد من بسط سيطرة على مناطق عسير ولم تبق له سوى (أبها) عاصمة عسير حيث كانت تحاصرها قواته واعد (الحسين) حملة عسكرية قادها بنفسه في ربيع 1911، تمكن، وبعد المقاومة الشديدة التي اظهرتها القوات الادريسية من فك حصار أبها واخضاعها للسيادة العثمانية.

ولم يكتف الحسين بذلك وانما استجاب من جديد لدعوة الدولة لمقاتلة الادريسي، بعد ان استعاد الاخير نشاطه من جديد في عسير ـ ووجه نجله الامير فيصل بحملة ثانية لاسناد القوات العثمانية، غير ان الحملة فشلت في تحقيق مساعيها وعاد فيصل خائبا  بينما ظل الادريسي واقفا في وجه الدولة ومتخذا من الجبال مقرا ومخبأ له.

وقد حاول الحسين ان يلعب دور الوسيط بين الحكومة العثمانية والادريسي، الا ان الدولة لم تكترث بهذا الاقتراح.

واخذت تشك في نواياه من وراء ذلك، خصوصا وانها كانت قد وعدته بتنصيب احد ابنائه اميرا على عسير، اذا ما تم له القضاء على حركة الادريسي.

اما بالنسبة لموقف الادريسي من ثورة الحسين في عام 1916 فكان عليه ان يكون متجاوبا بحكم العداء المشترك للدولة العثمانية.

وقد استجاب لدعوة الحسين في الوقوف الى جانبه بوجه الدولة، وبعث برسالة جوابية على رسالة كان الحسين قد بعثها، اوضح فيها استعداده لذلك، وضرورة تجاوز المشاكل القديمة التي كانت الدولة سببا في خلقها بين الطرفين.

غير ان العلاقة بين الطرفين ظلت خاملة حتى عام 1920، حينما برزت مطامع كل من الحسين وعبد العزيز بين سعود في قسم من عسير ـ التي كان يحكمها حينئذ آل عايض  حلفاء الحسين، وما قادت اليه هذه الاطماع من التوترات بين هذه الاطراف على ان الفترة حتى عام 1925 لم تكد تخلو من بعض المبادرات الشخصية التي طرحت لتفاهم الطرفين او تحالفهما كما سيتضح لدينا في النقطة القادمة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال