الأنشطة الاقتصادية للجماعات اللبنانية في أفريقيا.. الصناعة الخفيفة وقطاع النقل خصوصا نقل المحاصيل الزراعية من الأدغال والمناطق القروية إلى الموانىء

كما هو الشأن بالنسبة لمواطنيهم فى العالم الجديد فقد كانت التجارة المتجولة أول نشاط اقتصادى مارسه اللبنانيون بإفريقيا الغربية.
وقد بقي الحضور الاقتصادى اللبنانى متواضعا إلى غاية الحرب العالمية الأولى.

حيث استفاد اللبنانيون من الفراغ الذى خلفه التجار الفرنسيون الذين ذهبوا إلى الجبهة، خلال هذه المرحلة والتي تمكنوا فيها من اللغات الإفريقية وتعرفوا على البلد لم يعد وجودهم مقتصرا على المدن والمناطق القروية بل توغلوا فى الادغال.

وهو ما ساعدهم على تحقيق نجاح سريع خصوصا وأنهم أصبحوا وسط بين الوكالات التجارية الأجنبية، وبخاصة الوكالات الفرنسية، والسكان الأصليين، حيث كانوا يبيعون لهؤلاء المنتجات المصنعة، ويحصلون منهم على منتجاتهم من المواد الخام للتصدير.

وقد شجعهم نجاحهم فى هذا المجال على التوسع في هذا النشاط، علاوة على اتجاه البعض إلى افتتاح محلات خاصة لبيع الجملة في المدن.

كما اتجه آخرون إلى التخصص في مجال استيراد المنتجات المصنعة مباشرة من أوربا وأصبحوا الممولين الرئيسيين لمواطنيهم من تجار الجملة والتقسيط.

وقد شهدت سنوات العشرينيات من القرن العشرين منافسة شديدة بين التجار الأوربيين واللبنانيين في إفريقيا الغربية.

وهكذا ففي سنة 1919م نجد في مدينة "تييس" Theis's (بالسنغال) 50 محلا تجاريا يمتلكها أوربيون مقابل 11 محلا يمتلكه لبنانيون.
وفي قرية بامبي Bamby بنفس المستعمرة نجد 47 محلا يمتلكها أوربيون مقابل 4 محلات فى ملكية لبنانيين.

لكن بعد عشرين سنة نجد في "تييس" 11 محلا أوربيا مقابل 200 محل لبناني، وفى "بامبي" 20 محلا أوربيا مقابل 105 محل لبناني، وهذا ما يعنى أن المنافسة حسمت لصالح اللبنانيين.

سمح هذا النجاح التجاري للبنانيين بتنويع مجالات تخصصهم، حيث تم الاستثمار منذ الأربعينيات فى الصناعة الخفيفة وكذلك فى قطاع النقل خصوصا نقل المحاصيل الزراعية من الأدغال والمناطق القروية إلى الموانىء غير أن أهم قطاع جذب اللبنانيين خلال هذه المرحلة هو الاستثمار فى المجال العقاري.

وقد ساهموا بما شيدوه من مبان فى منح عدد من مدن إفريقيا الغربية خاصة دكار وأبيدجان الشكل الذي أصبحت عليه فى الوقت الراهن.
وهكذا فقد وصل عدد البنايات التى شيدوها فى دكار وحدها إلى غاية سنة 1958 إلى 400.

كما أنهم شيدوا إلى غاية سنة 1990(80%) من بنايات ساحل العاج (أكثر من نصفها فى أبيدجان).
أحدث أقدم

نموذج الاتصال