قاضي تطبيق العقوبات أو نظام جديد للعقوبات.. المرور من عقوبات السجن وإيقاف تنفيذ عقوبته والعقوبة المالية إلى إيقاف التنفـيذ والعقوبة المالية والعمل للمصلحة العامة

من المعلوم أن نظام العقوبات الجنائية الحالي يرتكز على العقوبة السالبة للحرية (السجن) كعقوبة مركزية (peine centrale).

ويأتي نظام قاضي تنفيذ العقوبات ليخلق توجها جديدا في السياسة الجنائية ينطلق من فكرة أن السجن من شأنه أن يخلف بعض الآثار السلبية على الشخص المحكوم عليه، الأمر الذي يستوجب العمل على تفاديها.

وهكذا حاولت العديد من التشريعات قلب نظام العقوبات السالبة للحرية إلى نظام العقوبــات التقليصي للحرية الهدف منه هو الحد من استعمال عقوبـة الحبس والتي أصبحت حلا أخيرا لا يطبق إلا عند ما يتضح أن جميع العقوبات البديلة "peines de substitution" غير مجدية أو يستحيل تطبيقها.

النتيجـة الحتمية لهذا المنطق هو ضرورة المرور من نظام عقوبات لا يوجــد ضمنه إلا السجن، وإيقاف تنفيذ عقوبة السجن (sursis) والعقوبة المالية (1) إلى نظام يوجد فـيه السجن، وإيقاف التنفـيذ والعقوبة الـمالية، والعمـل للمصلحة العامة (Tig)  (assignation à résidence ) التكليف بالبقاء داخل البيت مع المراقبة الإلكترونية، المنع مــن السياقة...إلخ.

إن النظام الجديد هو عبارة عن "نظام للعقوبات ذي طابعين" على الشكل التالي:

1- قاضي الجلسة وينطق أساسا بمدة العقوبة (durée de la peine) فعوض أن ينطق القاضي الجالس بنوع العقوبة ومدتها ( مثلا الحبس ثلاثة أشهر) فإنه لن يفصل إلا في مدة العقوبة (durée de peine) أي "عقوبة ثلاثة أشهر" أو "عقوبة تسعين يوما"، فالمعيار بالنسبة له هو وحدة احتساب العقوبة (unité de sanctions) وهو معيار يستساغ في نظام العقوبات المغربي طبقا لما نص عليه الفصل 30 من القانون الجنائي المتعلق بكيفية احتساب مدة العقوبة السالبة للحرية، الجديد بالنسبة له فقط هو أن يسكت قاض الحكم عن تحديد نوع العقوبة، والذي يصبح من اختصاص قاضي تنفيذ العقوبات.

وطبعا سوف ينطق بمدة العقوبة تبعا للمسؤولية الجنائية وأسباب ارتكاب الجرم وسوابق المتهم والوضعية الشخصية للمحكوم عليه.
ويكون كذلك لقاضي الموضوع أن ينطق "بإيقاف التنفيذ" (sursis) الذي ينسحب على وحدات العقوبة (أي عدد أيامها) إذا كانت شروط الإيقاف متوفرة.
وإذا لم يرتأ قاض الموضوع  إيقاف العقوبة  يرسل الملف إلى قاضي تنفيذ العقوبات.

2- قاضي تطبيق العقوبات يفصل في نوع  العقوبة الأكثر تلاؤما مع المحكوم عليه، ويكون القاضي ملزما بالمدة المحددة من قبل القضاء الجنائي الموضوعي (tenu par le quantum) ولكي تكون له سلطة تقديرية واسعة بما أن القانون الجنائي يضع أمامه مجموعة من الخيارات يحتل الحبس ضمنها آخر مرتبة.

ويمكن أن نتصور – ضمن حدود قانونية معينة – أن ينطق بعقوبة مالية وذلك بتحويله لكل وحدة من وحدات العقوبة (أي أيامها) إلى "يوم غرامة" (وهو نظام تبنته دول الشمال الأوروبي)، يتمثل هذا النظام في ضرب عدد أيام العقوبة في الدخل اليومي المتوسط الخام للمحكوم عليه، وهو نظام يرمي إلى جعل العقوبات المالية أكثر عدالة من نظام الغرامات الحالي.

كما يمكن أن نتصور إمكانية تتاح لقاضي تنفيذ العقوبات تتمثل في تحويل كل يوم عقوبة إلى يوم عمل للمصلحة العامة (Tig)، أو يوم اعتقال بيوم اعتكاف إجباري داخل البيت أو يوم منع من السياقة.

(1) العقوبات في القانون الجنائي المغربي إما عقوبات أصلية (جنائية أو ضبطية)، وإما عقوبات إضافية، والعقوبات الجنائية الأصلية هي الإعدام، السجن المؤبد، السجن المؤقت من خمس سنوات إلى ثلاثين سنة، الإقامة الجبرية، التجريد من الحقوق الوطنية، أما العقوبات الجنحية الأصلية فهي الحبس والغرامة؛ العقوبات الضبطية الأصلية هي الاعتقال والغرامة (الفصل 14).
أحدث أقدم

نموذج الاتصال