طائفة تيدو في السنغال..ميلشيات " السلطات القائمة وتعيش على السرقة والنهب وتمارس كل أنواع المنكرات والموبقات

كلمة "تيدو " هذه لدى جماعة "ولوف" تقابل "سونينْكي " عند جماعة "ماندنيكي " وتعني: الخبث والوحشية والدناءة والخشونة والكفر، وهي فئة كانت ـ كما لا حظ "بولان " ـ: منتشرة في مختلف أنحاء السنغال وتشكل "ميلشيات " السلطات القائمة آنذاك،  وكانت تعيش على السرقة والنهب وتمارس كل أنواع المنكرات والموبقات.

ويبدو لأول  وهلة من التناقض الفاضح أن يعتبر أشخاص هذه صفتهم مساهمين في نشر الإسلام، ولكن معرفة علاقة هؤلاء بشعوبهم، وتصرفاتهم القاسية تجاهها، توضح جليًّا مدى دورهم عن غير قصد منهم في الدعوة إلى الإسلام، والتفاف الناس حوله، وذلك أن طائفة "تيدو"  كانت تسطو على ممتلكات وأرواح "بادولو" بسبب وبدون سبب، وتتحكم في حياتهم، وتتصرف فيها تصرفات خرقاء لجهلها، فتسلبهم كل حق، وتثـقل كواهلهم بالضرائب التي يحلو لها أن تجبيها، ثم لا تمر إلا فترة وجيزة على ذلك حتى تعاود الكرة لتستولي على كل ما تقع عليه يدها من أموال وأمتعة وأثاث...

ولقد بلغت من  غطرسة (داو جمبا DAW DEMBA ـ 1640 - 1647م )، أحد ملوك تيدو، أنه كان "يمنع السود ـ رعاياه ـ من الزواج " ويطرد العجزة من حضرته، ويحظر على "بادولو " ارتداء السراويل، وتمليح "الكسكس " لأن الملح صالح للأمراء ـ وحدهم ـ ولم يهيأ لعامة الشعب.

وقد صور "مير MAIRE " ـ الذي زار إمارة "والو " في القرن السابع عشر الميلادي بشكل بشع استبداد "براك BRAK"، ملك تلك الإمارة،  حيث قال: "إذا لم يتمكن ـ أي براك ـ من استعمال الاستبداد تجاه البلدان المجاورة فإنه يمارسه ضد شعبه؛ كان يجوب البلاد، يقيم يومين في قرية وثلاثة أيام في أخرى؛ حيث يكلف أهل القرى يتغذيته هو وحاشيته المكونة من مائتي خبيث... ولأتفه إساءة يخربون القرى ويسترقّون بعض أهلها".

من خلال استبداد وقساوة "تيدو" برزت الدعوة الإسلامية أمام "باولو " منقذًا لهم مما هم فيه، وحصنًا يصونهم من غلبة وقسر السلطة الاستبدادية، فكانت قرى وبيوت الشيوخ ملجأً للمستضعفين ومأوى لعامة الشعب.

لذلك كلما تفاقمت ضغوط "تيدو"، تكاثف إقبال الناس على الإسلام وارتفع إحساس المسلمين بضرورة الذب عن الحق وحماية "بادولو" حتى أصبح الاصطدام بين الطائفة الإسلامية وأنظمة "تيدو " أمرًا لا مناص منه.

ولم تكن دواعي تلك النزاعات المسلحة ـ في أغلب الأحوال ـ إكراه الناس على اعتناق العقيدة الإسلامية، بل كان الدافع  الموضوعي حماية المجتمع السنغالي ككل، والدفاع عن كيان الجماعة الإسلامية بصفة خاصة.

وكان كلما ازدادت قوة أتباع الإسلام، نما خوف  طائفة "تيدو " وصعَّدت مناوشتها للمسلمين. ولعل الحادثة التي تعرض لها الشيخ "مابا جاخو با "، وهو يومئذٍ طالب لدى  أحد الشيوخ في "كاجور" من الدلائل على أسلوب القسر عند "تيدو".
وملخص الحادية أن الشيخ "مابا جاخوبا" كان يعمل يومًا في ضيعة شيخه فإذا بأحد أفراد "تيدو" يسطو على الضيعة لاختلاس الغلال والأموال منها، فتعرض له الشيخ وما كان سوى جولات حتى أردى المعتدى قتيلاً.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال