المسرح والدراما في رقصة العروسة.. غلبة الطابع التعبيري وبروز الصراع واضحاً بين العريس والعروسة التي تفسر العروسة معنى الأغنية المصاحبة بحركات راقصة ذات دلالات معروفة مستخدمة جسدها وأطرافها



نتناول هنا رقصة العروسة في وسط السودان، وهي طقس مكون من عدد من الرقصات تؤديها العروسة في ليلة زفافها بمشاركة العريس، كانت هذه الرقصة تؤدي أمام المتفرجين من المدعوين لحفل الزفاف من الجنسين لكنها الآن أصبحت غالباً ما تقتصر علي النساء فلا يشارك فيها أو يشاهدها من الرجال غير العريس.

يسبق الموعد المحدد لهذه الممارسة تجهيزات تمتد لأسابيع وربما شهور، بعض هذه التجهيزات تنتظم (بيت العرس) حيث تجري ترميمات لمنزل أهل العروسة وتجهيز الساحة التي يقام عليها العرض سواء كانت داخل المنزل أو خارجه، تضاء هذه الساحة بالمصابيح الملونة وتزين بما يتيسر من الزينات الحديثة أو التقليدية كأفرع شجر النخيل في هذه المناسبة يلبس المدعوون أفخر ما لديهم من ملابس وتستعمل النساء أوات التجميل والزينة.

أما العريس والعروسة فتكون العناية بتزيينهما كبيرة فالعريس يخضب بالحناء والعروسة تخضع لفترة طويلة قبل موعد الزفاف لكبار النسوة لتجليتها واختيار الأزياء الخاصة بهذه الممارسة.

كما تخضع لفترة تدريبية علي الرقصات والتي سوف تؤديها في تلك الليلة بقيادة إحدى النسوة الخبيرات في هذه الرقصات والتي غالباً ما تكون المغنية الرئيسية وربما الوحيدة وهي التي يوكل لها عزف الآلة الإيقاعية المصاحبة للرقص.

يلاحظ أن رقصات تلك الممارسة يغلب عليها الطابع التعبيري ويبدو فيها الصراع واضحاً بين العريس والعروسة فالعريس يحاول أن يجعلها تنقاد له بينما هي تحاول الإجفال وهي كثيراً ما تتبع توجيهات المغنية التي كانت قد لقنتها لها أثناء الفترة التدريبية، أو التي توجهها لها أثناء العرض نفسه.

إن كانت هذه الرقصة لا تثبت علي شكل واحد فإن شكلها الأساسي ثابت ومنه يمكن أن نستنبط بعض العناصر المسرحية والدرامية:

1- ربما قد يكون الضمير الشعبي قد أحس بالطبيعة المسرحية لهذا الطقس عندما أطلق علي هذا الحفل مصطلح لعبة وسمي مكان الممارسة ( بيت اللعب أو بيت اللعبة).

2- الصراع عنصر حاكم لكل رقصات هذا الطقس وطرفاه العريس والعروسة بينما ينقسم المتفرجون إلي مشجعين لهذا الطرف أو ذاك.

3- لهذا الطقس أزياؤه ومناظره الخاصة.

4- من مميزات هذا الطقس وجود شخصية شبيهة بشخصية المخرج المسرحي المعروفة وهي شخصية مدربة العروسة، إلا أن دورها لا ينتهي مع بداية العرض، بل تظل موجودة في قلب الصورة المسرحية متحكمة في الرقصات وفي بداية العرض ونهايته.

5- الرقص نفسه ليس برقص إيقاعي لكنه سلسلة من الرقصات التعبيرية المربوطة مع بعضها البعض ومع الأغنيات المصاحبة ربطاً وثيقاً ومنطقياً ومتسلسلاً يبدأ برقصة التحية وينتهي برقصة الوداع.
وفي كل رقصة تفسر العروسة معنى الأغنية المصاحبة بحركات راقصة ذات دلالات معروفة مستخدمة جسدها وأطرافها لتوصيل تلك المعاني.

6- الغناء هو العنصر الرئيسي الذي تقوم عليه هذه الممارسة وبدونه لا تقوم لها قائمة وفيه تستخدم آلة شعبية إيقاعية (الدلوكة) تصاحبها الصفقة وأصوات المغنيات.   


ليست هناك تعليقات