ميناء جدة الإسلامي على البحر الأحمر.. إقامة السلطان المملوكي قنصوه الغوري سورا محصنا على جدة مزودا بالقلاع والأبراج والموانع المضادة للسفن الحربية

ميناء جدة الإسلامي هو ميناء مدينة جدة على ساحل البحر الأحمر، وهو أكبر ميناء في المملكة العربية السعودية.

أنشئ ميناء جدة في عهد ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان سنة 26هـ / 646 م ليحل محل ميناء الشعيبة الواقعة جنوب غرب مكة المكرمة.

ويرى البعض أن جدة ميناء قديم يعود تاريخه إلى الفترة السابقة للإسلام.

ازدهرت جدة وازدادت عمارتها لتصبح الميناء الرئيس لمكة المكرمة، وبسبب قربها من الموانئ الجنوبية لشبة الجزيرة العربية لا سيما عدن، وتوسطها بين موانئ البحر الأحمر، وكذا قربها من ميناء سواكن وعيذاب أصبح ميناء جدة يستقطب تجارة البحر الأحمر لقرون عدة.

يصف المقدسي جدة في القرن الرابع الهجري بأنها مدينة على البحر محصنة عامرة آهلة.

أما في عهد ناصر خسرو الذي وفد إليها حاجاً في منتصف القرن الخامس الهجري فقد كانت كثيرة الخيرات، مزدهر بالتجاة، باسقة العمران.

ووصف أسواقها بأنها نظيفة وجيدة، وقدر عدد سكانها بنحو خمسة آلاف نسمة.

وفي القرن السادس وصف الرحالة ابن جبير جدة بأن أهلها يعيشون في شظف من العيش، فبعد التجارة المزدهرة والنعيم المقيم رضوا بأن يستخدموا أنفسهم في كل مهنة لتحصيل لقمة العيش.

وكان ذلك أمراً طبيعياً للحالة العامة التي يعيشها العالم الإسلامي في ظل الحروب الصليبية، واضطراب الحكم بين السلاجقة والأيوبيين.

وبعد قرن من الزمان تقريباً يخبرنا مؤرخ عربي آخر وهو ابن المجاور بأن شيئاً من الازدهار قد صادف جدة في عهده.

وفي العصر المملوكي بسط المماليك نفوذهم على جدة لتأمين طرق التجارة والحج، وحماية الحرمين، وعين السلطان المملوكي حاكماً عاماً لجدة أطلق عليه نائب جدة يطل مقر إقامته على الميناء ليشرف على حركته.

ورغبة من السلاطين المماليك في تشجيع التجار على استخدام ميناء جدة اتخذوا إجراءات عدة، منها: تخفيض الرسوم الجمركية، ومنع تجار مصر والشام من النزول في ميناء عدن، ومضاعفة الرسوم الجمركية على التجار الذين يمرون على عدن قبل قدومهم إلى ميناء جدة.

وفي القرن التاسع للهجرة داهم العالم الإسلامي خطر جديد وهو الغزو البرتغالي مما دفع السلطان المملوكي قنصوه الغوري إلى المبادرة بإقامة سور محصن على جدة زوده بالقلاع والأبراج والموانع المضادة للسفن الحربية، لكن الغزو المنتظر تأخر ثلث قرن من الزمان؛ إذ تم بناء السور عام 915هـ وحصل الغزو عام 948هـ في عهد العثمانين، حينما دفع البرتغاليون بحملتهم البحرية من الهند صوب جدة، ونجح السور في الدفاع عن جدة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال