واقع الاستثمارات العربية خارج الوطن العربي.. أسباب هجرة رؤوس الأموال العربية. ضعف الاستراتيجيات الوطنية أوالقومية في استيعاب الفوائض المالية العربية

هجرة الأموال والعقول العربية خارج الوطن العربي هي أحد العناوين المعقدة والمهمة التي استفحل أمرها في العقدين الماضيين لأسباب عديدة في مقدمتها أسباب ذاتية داخلية.

تشير الإحصائيات والأرقام المحزنة والمؤلمة إلى وجود أكثر من مليون خبير ومتخصص عربي مهاجر وما يزيد عن 1300 مليار دولار (1.3  تريليون دولار) من الأموال العربية المهاجرة.

وتشير الإحصائيات إلى أن حجم الاستثمارات العربية خارج الوطن العربي خلال الفترة 1974-1995 قد قدرت بنحو670 مليار دولار، وقد قدرت الاستثمارات داخل الدول العربية بنحو12 مليار دولار. وبذلك تكون النسبة 56:1، بمعنى أن كل دولار يستثمر داخل الوطن العربي يقابله 56 دولار يستثمر خارج الوطن العربي.

وفي المقابل بلغ حجم الديون العربية الخارجية حوالي 156 مليار دولار. وهذا يعني أن الأموال العربية تودع في الخارج، ثم تستدين الدول العربية المحتاجة من هذه الدول والمؤسسات الدولية المالية لتمويل احتياجاتها، وهذا يعني أن الأمريكي أوالأوروبي وغيرهم يقرضون العرب من أموال العرب وبشروط قاسية في أكثر الأحيان.

وتكمن أسباب هجرة رؤوس الأموال العربية خارج الوطن العربي في عدة أسباب وعوامل أهمها:

1- ضعف الاستراتيجيات الوطنية أوالقومية في استيعاب الفوائض المالية العربية، واستخدام هذه الفوائض في تطوير البنـى الهيكلية الاقتصادية والاجتماعية.

2- معظم دول الخليج العربي (أصحاب الفوائض المالية) يعتمدون بشكل كامل على استيراد السلع والخدمات الاستهلاكية والرأسمالية والترفيهية والكمالية من الخارج بسبب ضعف الصناعة في هذه الدول التي اقتصرت معظم الصناعات فيها على الصناعات المحلية الخفيفة، وعلى صناعات السلع المعدة للاستهلاك المباشر. فضلاً عن أن اقتصاديات هذه الأقطار هي اقتصاديات وحيدة الجانب (اعتمادها الرئيسي على النفط الخام وتصديره للخارج)، وكذلك صغر حجم السوق المحلي.

3- يعزو المستثمرون العرب أسباب استثماراتهم خارج الوطن العربي لأسباب واعتبارات أمنــية وغيرها من الاعتبارات المقيدة لغرض الاستثمار داخل الوطن العربي علماً بأن المادة (18) من قانون المؤسسة العربية لضمان الاستثمار، تعمل على تأمين المستثمر العربي بتعويضه تعويضاً مناسباً عن الخسائر الناجمة عن مخاطر غير تجارية.

4- تعتبر الأسواق المالية حافزاً مشجعاً لجذب المستثمرين لاستثمار أموالهم في الدول المتوفرة فيها أسواق مالية، بحيث تحقق هذه الأسواق أكبر عائد ممكن.

وعلى الرغم من تطور بعض الأسواق المالية العربية خلال السنوات الأخيرة، إلا أن المال العربي ظل يبحث عن أسواق مالية خارجية مضمونة بعيدة عن المجازفة والمخاطرة في الأسواق العربية، ومن هذا المنطلق فإن تطوير وتوسيع الأسواق المالية العربية يعتبر من العوامل الجإذبة لرؤوس الأموال العربية واستثمارها وتوطينها في الوطن العربي.

وبعد أحداث 11 سبتمبر من العام 2001 وما تبعها من تداعيات على الساحة العربية والعالمية، بدأت معاناة رؤوس الأموال العربية المهاجرة إلى أمريكا من خلال إجراءات متعددة ضد شخصيات ورجال أعمــال  ومؤسسات وشركات عربية، وعليه انتشرت إشاعات وتوقعات بعودة رؤوس الأموال العربية المهاجرة للدول العربية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال